رياض الزهراء العدد 81 نور الأحكام
التَّبَنِّي في الإِسْلَام
قال تعالى: (ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ)/ (الأحزاب:5) البنّوة هي مصدر الابن، يقال ابنٌ بيّن البنوّة، ويُقال تبنيته أي ادعيت بنوّته، وتبنّاه أي اتخذه ابناً. لقد شاعت ظاهرة التبني قبل الإسلام بحيث أصبح الطفل المتبنَّى جزءاً من عائلة المتبنّي حتى اشتهر بينهم أنه يحرم بالتبنيّ ما يحرّم بالولادة، وأسباب ذلك واضحة أهمها: اكتساب شرفٍ أو محو عارٍ، أو التستر على جناية، وما شاكل ذلك من الأسباب الكثيرة، ونتيجة لذلك وغيره ترتبت آثار كثيرة أهمها اختلاط الأنساب، واستكثار الغريب بحضن القريب، وإباحة المحارم، وإشاعة المنكر، مما حدا بالإسلام ونبيّهِ أن يقف وبحزم أمام هذه الظاهرة المقيتة، وأهم تصرّف قام به النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) هو زواجه بزينب بنت جحش زوجة مولى النبي (صلى الله عليه وآله)، فهم كانوا ينسبون زيداً للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) بالتبنيّ، فبهذا الزواج ألغيت تلك الظاهرة، ونزل قوله تعالى المتقدّم أن: (ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ)/ (الأحزاب:5). ولكن وللأسف الشديد نرى أن تلك الظاهرة تحيا من جديد في هذه الأزمة للأسباب المتقدّمة، أضف إليها عدم القدرة على الإنجاب، فإذا كان الأمر مقتصراً على مجرد التربية الصالحة للمتبنَّى مع اشتهار كون هذا الطفل ولداً لأبيه الفعلي فلا بأس، بل لعلّه يكون عملاً محبوباً عند الله تبارك وتعالى، وأما إذا كان الأمر غير ذلك من اعتبار المتبنَّى ولداً للمتبنِّي فهذا غير جائز شرعاً. ................................... لسان العرب لابن منظور، ج14، ص89.