رياض الزهراء العدد 158 ألم الجراح
إشْرَاقَةُ شَمْسِ الشّمُوسِ فِي أُفُقِ سَامَرّاءَ
سامراءُ اسمكِ نبع صافٍ عند الظمأ، و ترياق شافٍ عند الأرق وصباحكِ اليوم بهيج يدغدغ العصافير، فانفجرتْ تغرّد و تنشد الزغاريد وحين تبتسم أخاديد أعتابكِ ترسل شعاعاً مستديماً ينساب برقّة كشفقٍ بين سماء ونهر يغطّي الأفق يخطف القلوب والأبصار ويُذهب العقل حرّك شعاع الفرح التساؤلات في مَن وقف أمام ضريحكِ يتأمّل بنظرات العاشق مشاهد فرحتكِ تضاحكُ الشغاف يصفّق لها كلّ مَن عشق ترابكِ يتأمّل ملامحكِ التي تُداوي مَن طلب الشفاء مشاهد تتوشّحها أبجدية كاملة بحرفين الحاء والباء حبّ كنَيْزَك ثمين دخل الأجواء، وسقط في سويداء القلب فترنو إليكِ عيون محبّة تطوف حول الضريح كانت ترى ما بين الحرفين سرابيل أوجاع ترى ما بين الحرفين أشواقاً وشجناً مقيماً لكن اليوم فيكِ بسمة الربيع تلوّن بياض الياسمين بنور مولد إمامنا عليّ بن موسى الرضا ليستنير الكون كلّه بقبس من شمس الشموس الساطعة ويمتزج النرجس فرحاً بصفاء روحه الطاهرة وتغنّي رياضكِ يا سامراء شعراً بمولد جبل العنفوان هنا وفي رحاب القداسة وتحت قبّة العسكريّين الخالدة نقرع أجراس اللقاء ونفكّ طلاسم كم شُيّدت خلفها من حكايات وكم لوّنتها خطوط ورسومات، وكتب عليها التاريخ خطّته لسنين حفرت على جدار الزمن بصمات نراها اليوم وهي تنتهي، فقد التقت سامراء بمشهد واتّحدت خرائطهما ومُزجت أجواؤهما بالضحكات وتعطّر المكان بتلك الأنفاس المحمديّة فرحةً بابتسامات الوليد المنتظر ستُشرق شمس اليوم بشكل مختلف على سامراء وستُرسل مع أشعتها رسائل حبّ تترنّم بها طيور حضرتها المقدّسة سيرقب الكون كلّه نظرات لقاء المولود المبارك مع أبيه موسى الكاظم (عليهما السلام) وأمّه نجمة، وسيلمح الكلّ في وجه الصغير طفولة قديمة، ويسمعون هناك صوتاً بعيداً لم يسمعه من قبل إلّا الإمام الكاظم (عليه السلام). يتذكّر في نبراته دعوات الرضا (عليه السلام) من جدّه حبيب الله محمد (صلى الله عليه وآله) التي حفظته طوال تلك الليالي، فترعرع وازداد اليقين بأنّ رحمات الله كفيلة بإطفاء نار الشوق المستعرة حمل الكاظم (عليه السلام) طفله المبارك ليغفو بين ذراعيه على تراتيله القرآنيّة، فهو لا ينام إلّا في عيون مخملية، فهمس في أذنه (أهلاً بخير ما ملكت يدي) فكبّرتْ مآذنك يا سامراء مستبشرة بإشراقة شمس الشموس مولانا عليّ الرضا (عليه السلام) إشراقة تفاؤل وأمل تملأ دنيانا ضياءً.