رياض الزهراء العدد 157 لحياة أفضل
وَلاَ تَنْسَوا الفَضْلَ بَينَكُم
تواجه بعض العلاقات الزوجيّة الفشل، وهذا من سنن الحياة الدنيا، فنحن - بوصفنا بشرًا-مختلفون في الصفات والسلوك والظروف، وقد تصل علاقة الاقتران لسبب ما إلى خيار الانفصال؛ ولأنّ هذا الخيار غير مرغوب وغير محبّذ للفرد والمجتمع نرى هذا الخيار يهبّ كعاصفة من المشاحنات، والمشاجرات، والقيل والقال، والتعدّي وانتهاك الحقوق بين الأسر، وفي أروقة المحاكم، متناسين أنّنا أبناء دين واحد ومجتمع واحد، وأنّ معيار التزامنا بتعاليم هذا الدين هو التقوى؛ فالدين المعاملة مثلما صرّح بذلك رسولنا الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم) ولو عدنا إلى أحكام القرآن الكريم لوجدنا أنّ الله(سبحانه وتعالى) أكّد في أكثر من موضع على: (أْو تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)/(البقرة، الآية: 229)، وقال(سبحانه وتعالى): (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ)/(البقرة، الآية: 231). فمع أنّ الشريعة الإسلاميّة السمِحَة فضّلت الإمساك بإحسان وعدّت الطلاق أبغض الحلال، إلّا أنّها أكّدت أيضًا على مفهوم الإحسان في التسريح (الطلاق)، فلا تكون الأفعال صادرة عن رغبة في الانتقام والتشفّي، وغايتها تخليف الأذى في نفس الطرف الآخر، ولا يظننّ الرجل أو المرأة أنّه بهذه الأعمال يضرّ طليقه فقط، بل إنّه يظلم نفسه بالدرجة الأولى مثلما صرّحت الآية الكريمة المذكورة آنفاً: (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ)، نعم فظلم النفس يكون بإسكات صوت الضمير، والتخلّي عن صفات النبل والكرم والشهامة، واستبدالها بإعمال الفكر وإجهاد النفس في التفتيش عن سُبل الأذى والشرّ، فيحبس الإنسان نفسه بين هذه الجدران السوداء، ويستنفد عمره داخل هذه الزنزانة، فأيّ ظلم للنفس هذا؟ وهل سينجو المعتدي من عذاب الله الذي توعّد به الظالمين والمعتدين من عباده؟! ومن أبرز وجوه الاعتداء حرمان المرأة المطلّقة من حقوقها الشرعيّة في الصداق والنفقة، فإنّ في ذلك ما يطفئ العداوة ويحفظ الكرامة، فكم من أُسر يجمعها الرحم أو الجوار والأخوة تفرّقت ونشبت بينها العداوة والبغضاء بسبب فشل علاقة زوجيّة بين الأبناء، ولو أنّنا التزمنا بتعاليم الباري(سبحانه وتعالى) لما جرّتنا حبائل الشيطان وما هرعنا خلف نداء التكبّر والعناد وما نسينا قوله(سبحانه وتعالى): (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)/(البقرة، الآية: 237).