حَالُ المرأةِ المُعَاصِرَةِ بينَ حَرفَي "الفَاء"

ميمن السعيدي/ لندن
عدد المشاهدات : 162

ظهرَتْ الحركة النسويّة (فيمينزم) عبر العصور بصورٍ وأشكالٍ شتّى مطالبةً بحقوق المرأة وبمساواتها مع الرجل، واتّخذت طرقاً متعددة لتحقيق أهدافها حتى وصلَت المرأة إلى ما هي عليه الآن من مشاركة واسعة في جميع جوانب الحياة تقريباً جنباً إلى جنب مع الرجل، على أنّ تلك المشاركة وجدَت لها الأرضية الخصبة لتحقّق أهدافها الإيجابيّة خارج نطاق بلادنا العربيّة؛ حيث إنّ بعض نسائنا اللاتي لم يستوعبن إلّا المفهوم السطحي للمطالبة بالحقوق؛ أصبحن يردّدن شعارات الحرية والمساواة بلا فهم لحقيقة تلك المفردات ومعانيها، إلى أن أطلَّ عصرٌ جديد لظاهرة حديثة أسمها (الفاشينيستا)؛ ليجمع بعض النساء ما بين الفهم المغلوط للحرية وبين عرض السلع، حتى وإن كان المُنتج الذي تقوم بترويجه هو نفسها، وقام بتقليدها خاويات الفكر من المراهقات والكبار، فأفرطنَ في التجميل حتى باتت إحداهنّ كلعبة مصنوعة من البلاستك نكاد لا نفرّق بينها وبين غيرها... ما هذا الحال المخزي الذي وصلت إليه بعض نسائنا؟! أتُلام الحداثة والعولمة، أم يُلام الجهل واللاوعي؟! فما نراه على أرض الواقع هو حال التخبّط والانحلال وفتح المجال لكل مَن هبّت ودبّت لأن تقول ما يحلو لها، وأن تشرح تجربتها الشخصية بوصفها قدوة وعلى كلّ النساء أن يتّبعنها، وتُطالب بمساواتها مع الرجل في جميع المجالات، وكأنّ تركيبتها الفسيولوجية قد تطورّت وتحورّت لتناسب مَهامّه، تُناظر وتجادل في آيات القرآن الكريم، ولديها الاستعداد التامّ لعرض شريط مصور لأحداث حياتها الخاصّة والعامّة من أجل زيادة عدد المتابعين الذي يجلب لها أموالاً طائلة.. تُرى ما هو حال المرأة الواعية المؤمنة بين حركة (الفيمينزم) وظاهرة (الفاشينيستا)؟ على كلّ النساء أن يتّخذنَ موقفاً صارماً تجاه الحركات المُستحدثة، بحيث ينظرن لأيّ حركة منها بعين التنقيب والتفتيش، ويُسجّلن ملاحظاتهنّ السلبية قبل الإيجابية ليعرفن إن كانت تناسب مبادئهنّ وغاياتهنّ النهائية بوصفهنّ نساء مسلمات في مجتمع محافظ له عاداته وتقاليده الخاصّة به أم لا، فهذه الحركات أصبحت واقعاً مؤلماً، وعليهنّ أن يتعلمنَ منه الشيء المفيد، وينبذنَ كلّ ما من شأنه أن يتعارض مع الثوابت الدينيّة... على كلّ النساء أن ينتبهنَ إلى العامل المشترك الذي أسهم في نجاح الحركة النسويّة وظاهرة (الفاشينستا)؛ وهو الإصرار والاستمرارية على الرغم من مواجهة الصعاب والتحديات، فكلاهما لم ينجح لولا الإلحاح والثبات من أجل تحقيق الهدف، نعم قد يكون الثمن المدفوع من قبلهنّ باهظاً، ولكنهنّ في النهاية ثابرنَ من أجل أهدافهنّ، ممّا قد يحفّز المرأة الواعية للنهوضَ بمهامها ومهاراتها وموهبتها متخذّة من سلاح الإصرار درعاً تواجه به المصاعب والتحديّات، فإنّ المراقب لواقع المرأة المعاصرة يستطيع أن يلتفت إلى حقيقة أنّها تدور في مدارٍ عَسِر بين حرفي "فاء"؛ فاء (الفيمينزم)، وفاء (الفاشنيستا)، فعليها الانتباه إذاً لكلّ ما هو مستورد من مفاهيم دخيلة، وغربلتها من أجل الموازنة بين ما يفرضه العصر من متطلّبات جديدة وبين التزامها بالتعاليم الدينية وقيم المجتمع.