رياض الزهراء العدد 157 الحشد المقدس
بِطَاقَةُ تَهْنِئَةٍ لِأُمِّ الشَّهِيدِ
أيّ كلمة حبّ ووفاء، وأيّ عبارة عرفان وثناء، وأيّ رسالة شكر وتقدير، أهديها في يوم العيد لكِ يا أمّي. ما زلتُ أراكِ في كلّ حقول الحياة وبساتين محبّتها أمّاً عظيمة تسكن قلبكِ نسمات الأمل، ويحيط بكِ عبق الحنان، ويفوح منكِ عطر العاطفة والإيمان. ما إن أتذكّركِ يا أمّي حتى تتحرّك رياح المشاعر في داخلي، وتهتزّ سفن الإحساس في قلبي، ويهتف لساني معبّراً عن عظيم حبّي لكِ: ليتني فداكِ يا رمز العطاء والحبّ والوفاء، يا مَن كنتِ وما تزالين نبراساً للتضحيات ونوراً يضيء لنا الظلمات، يا من تُشرقين في كلّ يوم مع إشراقة الشمس، فتملئين حياتنا بالمحبّة والضياء والبركات. أمّي بعدد ما في السماء من نجوم وكواكب وأقمار، وما تحتويه من عصافير وحمام وأطيار، أحيّيكِ وأقول: كلّ عيد وأنتِ شمعة الدار، وضوء النهار، يا مَن كنتِ لنا أمّاً ودليلاً وفي طريقنا نحو الله تعالى خير قدوة ومنار. وفي الوقت الذي أُرسل لكِ فيه التحايا عليّ أن لا أنسى قريناتكِ من خيرة النساء، مَن بذلنَ فلذّات أكبادهنّ من دون تردّد وبكلّ شموخ وصبر وفداء، وعلّمنَ الأجيال كيف يكون الإيثار والعطاء، فهيّا بنا جميعاً نهنئ أمّهات الشهداء، لنقول لهنّ: أيامكُنّ مباركة سعيدة أيّتها السائرات على خُطى الصدّيقة الزهراء(عليها السلام) وابنتها الحوراء(عليها السلام). لابدّ من أن نوجّه التحايا في هذا اليوم السعيد إلى كلّ أمّ شهيد فنقول لها: برّدي نيران القلب، أطفئي حرارة الدمع، ضمّدي جرح الغياب، وبلسمي حرارة المصاب بحسن التوكّل والصبر الجميل. نعم يحتضن الأولاد في الأعياد أمهاتهم، ويحملون معهم إليهنّ هدايا محبّتهم، وأنتِ تنظرين... تقفين على ضريح ضمّ جثمان ولدكِ الحبيب، تقبّلين حبّات التراب، وتنساب من عينيك دموع الاشتياق لطول الغياب. لكن ليتكِ تسمعين، بل أظنّكِ تسمعين صدى صوت ولدكِ الشهيد وهو يقول: أمّاه لا تحزني؛ فأنا لا أزال حول فلككِ أدور، أنا ولدكِ الذي استقبلته في جنان الله الحور، أنا نتاج يدكِ، أنا ثمرة عمركِ التي وهبتِها للإسلام ولآل البيت(عليهم السلام)، أنا قد ارتفعتُ بكِ وسموتُ بكلماتكِ، حتى بلغتُ السعادة، وحظيتُ بنعيم الشهادة، فلا تحزني، ولا تذرفي دمعكِ الغالي يا نور عيني، أمّي أنا الآن في الجنان، حيث لا ألم ولا أحزان؛ بل سعادة واطمئنان، وحبور وسرور لا يخطر على قلب إنسان. فألف شكر لكِ أيّتها الحرّة الأبيّة، وكلّ عيد وأنتِ بألف خير أيتها الصادقة في ولائها للعترة النبويّة.