رياض الزهراء العدد 157 منكم وإليكم
عَمِيدُ الصَّادِقِينَ
وَفِيٌّ نَزِيهٌ مُطِيعٌ عَفِيفْ صَدُوقٌ أَمِينٌ وَقورٌ شَريفْ يُعرّفُ الصدق بأنّه: قول الحقّ ومشابهة الكلام للواقع. وقد حثّت الآيات والروايات على لزوم الصدق وأهميته في حياة الفرد الدنيويّة والأخرويّة؛ فهو روح الكلام وكمال النُبل، وخير القول وزينة الحديث، وهو أشرف الفضائل النفسيّة، والمزايا الخُلقية، ويكفي الصدق شرفاً وفضلاً أنّ مرتبة الصدِّيقين تأتي في المرتبة الثانية بعد النبوّة، قال تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا)/(النساء، الآية: 69)، وقد لقّب الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) الإمام السادس من أئمة الهدى بـ (الصادق) حيث قال(عليه السلام): "إذا وُلد ابني جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب فسمّوه الصادق"(1). ولقب الصادق لم يأتِ جزافاً؛ بل كان وراءه حكمة وغاية؛ فالرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) لا ينطق عن الهوى، وهو على دراية بما سيجري في قادم الأيام على ولده جعفر من تلاطم الأفكار والآراء والعقائد المشبوهة والدخيلة على دين الإسلام، ونشوء تيّارات وبِدَع مُضلّة؛ فأراد النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك أن ينزّه ولده عن باقي المشكّكين بأمره، وصدق أقواله وآرائه الدينيّة والعلميّة السديدة التي كانت ولاتزال منهلاً ترتشف الأمة من عذب مائها، فقال النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) كلمة الفصل في حفيده جعفر الصادق: "سيهلك المرتابون في جعفر، الرادّ عليه كالرادّ عليّ، حقّ القول منّي لأكرمنّ مثوى جعفر ولأسرّنّه في أشياعه وأنصاره وأوليائه"(2). فكان الإمام الصادق(عليه السلام) ذا علوم جمّة، وعبادة موفورة، وأوراد متواصلة، وزهادة بيّنة، كيف لا وهو الصراط الأقوم والسلام الأعظم ومفتاح الخيرات ودافع المعضلات؛ فسلام عليه يوم وُلِد ويوم اُستُشهد مسموماً على يد أعوان الباطل ويوم يُبعث حيّاً. ............................................ 1- مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب، ج3، ص393. 2- كمال الدين: ج1، ص310.