الحَاضِرُ في قُلوبِنَا

رُبى جواد/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 241

مرّت سنين من أعمارنا بكلّ هدوء, اختلف حُسن الشباب, وبانت علينا خيوط المشيب, حتى أخذت من ملامحنا كلّ ما بقي من الشباب، عصفت بنا أمواج البلاء وتجاوزنا كلّ شيء, وتحقّقت مقاصدنا في أغلب ما أردناه... أِلّا أِنّنا كنّا نغرق يومياً ونحن نودّ لقاء حبيبٍ واحد, مُلئنا به عشقاً ونحن لم نَرَه، زخرت به الروايات, وأحاطت بنا ألطافه الزكيّة في أغلب تفاصيل أيامنا، كلّنا نأمل في أيّ لحظة أن نلمح عينيه العظيمتين, كحال يعقوب أصاب قلوبنا الرمد من دونه, انتظرناه عند إشراقة نهار كلّ يوم جمعة! ونرجع بركابنا خالية عند المغيب, ويعرف هذا الشعور المحبّ لو خابت آماله بعد طول انتظار عند حلول مساء الشوق على قلبه، أيُّ فجرٍ ذاك الذي يعود به إلينا!؟ نُدرك ببصائرنا وقلوبنا طوال اليوم بأنّه (أرواحنا فداه) يراقب كلّ تحركاتنا, فيكون أكثر ألماً منّا إذا ارتكبنا معصية ما، بأيّ حجم كانت. ذلك المولى الذي هو ختام سلالة العصمة, والإمام الذي سيُزهر العالم عند قدومه حيث تقول الروايات إنّ غيبته بدأت بعد انتهاء الغيبة الصغرى, بالإعلان الذي أعلنه الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) عام 329 هـ, بانتهاء السفارة وبدء الغيبة التامّة، وأنّه لا ظهور إلّا بإذن الله(عز وجل) (1) . وفي هذه المدّة تتعدّد أشكال الظلم على جميع البشرية في كلّ بقاع الأرض, لأنّه هو المنقذ الذي سيحلو كلّ مُرٍّ بظهوره المبارك وهو البلسم الذي تطيب كلّ الجراحات على يديه المباركتين، ويخضرّ بأرواحنا الزرع اليابس, ويزهر الورد الذابل والباهت لونه، حتى ذلك الوقت الذي سنرى نوره الإلهيّ يجب أن نُحسن إليه بغيابه، ونُعدّ أنفسنا بوصفنا جنوداً تحت رايته, بل نكون من خدّامه! فيكفينا فخراً أن نكون في ضمن قافلته القادمة, بأيّ صفةٍ وأيَّ مسمّى, أو القافلة التي سترحل جسداً عن العالم، ويتعلّق قلبها بطريق الظهور. ................................. (1) الموسوعة المهدويّة, تاريخ الغيبة الصغرى, ص415 وما بعدها وص366 وما بعدها.