رياض الزهراء العدد 157 من على نهر العلقمي
أَحلُمُ بأَنْ أَطِيرَ
حتى متى وعصافيري تنأى عن عالمي، وتستفرد بأغاريدها العذبة من دوني؟.. حتى متى أنظر إليها بحسرة وهي تسرح وتمرح، وأنا على أديم الأرض مكسورة الجناح، ذائبة الفؤاد، أخنق دموعي كي لا تلتهمها العيون؟... حتى متى يظلّ طيراني معها مجرّد أمنية تؤرّق هدوء حياتي؟.. أمنيّة كالزبد في نعومته وبياضه... في رقّته وجماله... حتى في ذوبانه في ذاكرة البحر، حتى يختفي ويتلاشى... تلك هي أمنيّتي.. تذوب في ذاكرتي، حتى تختفي... ويبقى أثرها وخزاً مؤلماً في لبّة الفؤاد... طيفٌ لم يرَ النور.. ولم يتجسّد واقعاً أتلمسه بأنامل ربيعي الشفّافة، وأستأنس به استئناس الورد بقطرات الندى... أحلم بأن أطيرَ.. وأطيرَ... وأطيرَ... لأمسك أجنحة عصافيري بأجنحتي... وأطيرَ... ولستُ أدري متى يرى حلمي نور الواقع... وأطير... صرتُ أتشبّث بأطراف البراعم الصغيرة المتدلية على أجنحتي المخضلة بألم دفين، وخوفٍ ورجاء.. أتنسّم بنهمٍ وسرور عبيرها الخفيف... لأنّ أجنحتي دامية... مكلومة.. لا تطال الأزاهير الغضّة الفوّاحة السارحة بين الغيوم البيضاء... ليت يوم الفرج يُشرق، فتنبت لي أجنحةٌ من وردٍ ومطر، فأحلّق مع عصافيري.. وتسبح أجنحتي معها في سماءٍ ملوّنةٍ بالأريج.. مرصّعةٍ بحبّات أملٍ ذهبية... وتصبّ السعادة وَدْقها على جراحي فتدملها، وعلى كسري فتجبره... وأقطف تلك الأزهار المتربعة وسط الغيوم البعيدة، وأزرعها أملاً يزدهر ويتألق في جنّتي، وأزيّن بها أجنحتي.. وأستاف عطرها الوردي العبق الناضح برقةٍ ودفءٍ، وهو يعانق الأفق والنجوم... ليت شمسي تبزغ، فأفرد أجنحتي بثقة الجبال بين أغاريد عصافيري.. وأنثر أنشودتي على الغيوم قطراتٍ من الياسمين... وأصوغ من مدادي وعبراتي سجدات شكرٍ أطلقها في محراب صلاتي... فيا طيور السماء.. هلمّي إليّ، وأمني على دعائي...! آمين...