بِمَاذَا تُفَكّرِينَ؟!

خديجة عليّ عبد النبيّ
عدد المشاهدات : 168

أفكّر بوجودنا.. أفكّر بالكون.. بما وراء الحياة، ماذا لو كان هنالك مخلوقات أخرى تنظر لذات السماء هذه الآن وتفكّر مثلي؟! أين تستقرّ المشاعر على اختلافها في الروح؟ بل كيف تحدث! كيف تغمرنا مثل نقطة حبر سقطت في كأس ماء؟! أفكّر في القصص التي لا تكتمل، بالأحلام التائهة السابحة على مدرجات عقول أصحابها، بالشغف الذي ينطفئ في النفوس، بالكلمات التي لا تُقال، بالدمعة التي جفّفتها الأصابع عنوة ووأدتها عن قصد، بالتنهيدة التي تتنكّر لتتحوّل إلى ابتسامة مصطنعة، ثم تُحبس في الصدر، باللقاءات التي لا تحدث، بالحكايات المتخيّلة في صُدف وردية على أروقة الخيال، بالمواعيد التي رتّب لها كلّ شيء بوصفها حدثاً ولم يأتِ أبطالها، بالحوارات المتشابهة والأفكار المنسجمة لشخصين بعيدين يسيران في خطّين متوازيين ولا يلتقيان أبدًا، بباقات الورود التي تُخطئ عناوينها لتصل إلى أنامل أشباه الأميرات المليئة بالشوك، أفكّر في الأماكن التي لم تطأها قدما الإنسان بعد، هذا الجزء المفقود الناقص من كلّ حياة من حياة أخرى، تُرى إلى أين يذهب؟! أفكّر.. ماذا لو كان هذا المطر هو الوسيلة الوحيدة التي تتحدّث فيها السماء للأرض؟! ماذا لو كانت هذه القطرات محض أحاديث ملائكية؟ آلاف القصص عن العالم الآخر! ولماذا يهزّ أعماقنا هكذا حينما يهطل! أفكّر بالأحداث القدرية التي تحدث لنا.. كيف باستطاعتنا التمييز بينها وبين التي بإمكاننا تغييرها، ما مدى قدرتنا الحقيقية وإمكاناتنا الفعلية على التدخّل بحدوثها من عدمه؟ إن كنّا في كلّ خطوة نراعي ونأخذ بالأسباب ونتوكّل على الله(سبحانه وتعالى).. الدنيا حقاً محيّرة! أفكّر لماذا للحزن هذه المقدرة على أن يتشكل ويتلوّن ويلبس حُللاً مختلفة متنوّعة؛ ليظهر أمام الآخرين على شكل إبداع! أفكّر بكلّ الأفكار التي طرأت الآن على مَن يقرأ هذا المقال، بكلّ الصور والمشاهد والمقاطع القديمة المخزّنة في ذاكرته، بكلّ الأحاسيس التي أيقظتها هذه الأسطر ليخفق فؤاده هكذا.