رياض الزهراء العدد 157 ألم الجراح
الوَعْدُ... وَبَرْدُ الغِيَابِ
باردة ليالي سامراء هذا ما أخبرتني به الريح وهي تئنّ وتهدر بهدير مؤلم يُنبئ بالنوائب في كلّ مكان تروي لنا بوجع أنّكَ يا صاحب الزمان (عجّل الله فرجكَ الشريف) تواريتَ خلف أستار الغيبة الإلهية الكبرى وقد استسلمتْ مدينة الجِراح لاكتساح الصقيع وتوقّف المطر لم أَجِد كلمات أصبّر بها مدينتي الجريحة فبعد غيابكَ وُئِدَتْ كلّ المعاني الجميلة وأُهدرِت دماء شريفة وأُهين شرف أُمَّة غابت بغيابكَ بلحدٍ حُفر وهماً لها من الظلام بعد غيابكَ سيقولون كان وكان واليوم غاب مودّعاً مأواه سيزفّونكَ ومن الورد يهدونكَ إكليلاً يبكون عليكَ قليلاً وربّما يحزنون يوماً وليلة وتمرّ الأيام ولأنّهم من بني البشر سيُغرقونكَ في بحر النسيان وستُصبح مجرّد ذكرى تطفو على سطح الأحزان ويقولون بالأمسِ كان وكان غابت الحقيقة، فإمامنا غائب، ونحن تائهون بين السطور بلا نتيجة فتبرد النفوس مثل ليالي الشتاء الباردة وعطركَ الغائب حجر يُغلق طريق الصواب وصراخ المتعبينَ لا يحمل سوى الخيبات وا مصيبتاه فبعدكَ هانت كلّ مصيبة هبّي أيّتها العواصف واقلعي ما تبقّى من صمود فنحن الآن نلامس حقيقة ما اقترفناه وها هي سامراءُ الحزينة بانتظار وعدكَ وقد تكاثف غيم الحنين في سمائها وأمطر وتوغّل في تجاعيد أروقتها الأسى والهوى وتجذّر فلياليها من دونك موحشة وأُمسياتها ثكلى وقمرها مُكدّر معلّقة كلّ أمنياتها منذ احتجابكَ والثلج على أبوابها تراكم و تراكم وصار أكبر هل تَعرف بأنّ في قلبها عتباً لكنّ الغياب أخذ منها نصيبه وهي تبكي بصمت فهذا الفراق جعلها باردة كالموت وهي تراكَ تبتعد رويداً وكأنّما تريد أن تختبر جَلَدَها وصبرها سامراءُ لا يليق أبداً بجلال حبّكِ وقدسيّته المهيبة أن نرى شتاءكِ يُحاصر ورود ربيعكِ الباسلة دثّري أزهاركِ بصوت إمامكِ الذي أحببتِه حتى يذوب الجليد في عروقكِ واغمري ساعات انتظاركِ بضوء عينيه وأطلقي ربيعكِ في مواسم الانتظار لأنّنا نخال ساعة الظهور قريبة، باتت كالشمس المشرقة في كبد السماء، ألقاً يُزهر واجعلي من ذلك الغياب الثقيل كأكياس الرمل أملاً حاضراً في مشاهدكِ وفي أيّ لحظة؛ لأنّ المُنتظِر فقط مَن يُجيد قراءة الوقت وارسمي دوماً في الكون فرحاً برؤية لحظات الفرج التي تدنو حتى تكون أقرب من حبل الوريد في الروح فتعود أجواؤكِ تتشبّع بذلك العطر المهدويّ انتظري يا مدينتي عسى أن يكسر أملكِ نافذة الألم، ويوقف نزيفَ الوريد