نَجَاةُ الخَلِيقَةِ بِوُجُودِ الخَلِيفَةِ

ولاء العبادي/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 156

لم يخلق الله تعالى الخليقة إلّا وقد خلق قبلها الخليفة، والابتداء من الحكيم إنّما يكون بالأهمّ، فدلَّ ذلك على أنَّ الخليفة أهمّ. ولتأكيد هذه الحقيقة، أمر الملائكة بالسجود لآدم تعبيرًا عن انقيادهم لمقام خلافته الذي به يتمّ توحيد الله(سبحانه وتعالى) وطاعته، ولذا حكم على إبليس بالكفر به (سبحانه وتعالى) في مقام الربوبية والخلود في جهنّم عندما أبى واستكبر. ولا غرو في ذلك إذا علمنا أهمية الخليفة البالغة، فهو الأمان للأرض وأهلها، كما رُوي عن الإمام الصادق(عليه السلام): "إنَّ الأرض لا تكون إلّا وفيها حجّة، أنّه لا يصلح الناس إلّا ذلك ولا يصلح الأرض إلا ذلك"(1)، مثلما أنَّه الهادي لخلق الله(سبحانه وتعالى) إليه والحجّة له عليهم، فقد رُوي عن أمير المؤمنين(عليه السلام): "لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة إمّا ظاهرًا مشهورًا، وإمّا خائفًا مغمورًا، لئلا تبطل حُجج الله وبيّناته"، حتى يقول(عليه السلام): "بهم يحفظ الله حُججه وبيّناته حتى يودعوها نظراءهم.."(2). ولا يُشترط في الخليفة أن يكون رسولًا، بل قد يكون وصيًا، لقوله تعالى: (قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ)/(المائدة، الآية: 19)، فعلى الرغم من خُلوّ هذه المدّة من الرُسل، إلّا أنّها لم تخلُ من الخليفة لوجود أوصياء الرُسل(3). وبذا لم تخلُ الأرض من خليفة على مرّ الدهور، بل حتى يومنا هذا، دلّت على ذلك الأدلّة الشرعيّة، منها ما رُوي عن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم): "إنّي تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنّهما لن يتفرّقا حتى يردا عليَّ الحوض"(4)، قال ابن حجر: "وفي أحاديث الحثّ على التمسّك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهّل منهم للتمسّك به إلى يوم القيامة، كما أنَّ الكتاب العزيز كذلك"(5). وعليه فإنَّ ما تقدّم يكفي لإثبات ولادة الإمام الثاني عشر(عجل الله تعالى فرجه الشريف) قبل استشهاد الإمام العسكريّ(عليه السلام)، مثلما يكفي لإثبات وجوده المبارك، وبقطع النظر عن الروايات التي دلّت على ذلك نعم لابدّ منها لتشخيصه(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وإنَّ الإيمان بذلك إنَّما هو إيمانٌ بحكمته (تعالى) التي اقتضت عدم خلوّ الأرض من حُجّة، والانقياد لمقام خلافته(عجل الله تعالى فرجه الشريف) كالانقياد لمقام خلافة آدم(عليه السلام)، ومن ثَمَّ فهو طاعةٌ لله (سبحانه) ومن دونه لن يتمّ التوحيد الحقّ بجميع مراتبه، وحكمه (تعالى) على إبليس بالكفر خير شاهد على ذلك ودليل. ........................ (1) المحاسن: ص253، ح193. (2) معجم أحاديث المهديّ: ج4، ص61. (3) تفسير الأمثل: ج3، ص657. (4) السلسلة الصحيحة للألباني: ج4، ص330. (5) الصواعق المحرقة: ص149.