رياض الزهراء العدد 155 همسات روحية
فَلْسَفَةُ الانتِظَارِ
ورد عن النبيّ الأكرم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): "أفضلُ أعمال أمّتي انتظار فرج الله(عز وجل)"(1)، فكيف ترون اقتران قضيّة الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) بمسألة الانتظار؟.. مضمون الردّ: حتى يُعلم الانتظار الصادق من المزيّف أو المموّه وغير الصادق فلابدّ أن نعرف أقسام الانتظار وهي كالآتي: 1- انتظار المفوّضين: كأتباع موسى(عليه السلام) عندما فوّضوا الأمر إلى موسى(عليه السلام) وربّه، قال تعالى: (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ)/(المائدة: الآيه24)، والتعبير (أَنْتَ وَرَبُّكَ) تعبيرٌ فيه شيء من التنقيص لمقام الرُبوبية. 2- انتظار المتفرّج: وهو الذي لا يُعنى بأمر المعركة، بل ينتظر النتائج فقط. 3- الانتظار الصادق: والمنتظر فيه يشبه الإنسان المقاتل قيل له: إنّه سيتمّ الهجوم في التاريخ والوقت الفلاني؛ فجعله هذا الخبر على أعلى درجات التأهّب والاستعداد، وخاصّة إذا كان يعتقد بحياة القائد خلف الجبهات، فإنّه يعدّ العدّة، وينتظر الفرصة القتالية المناسبة، وينتظر الأوامر العسكريّة، وينتظر قدوم القائد الذي يعتقد بحياته، ولو لم يرَهُ بعينه، لأنّ المخبر الصادق أخبره بوجوده. والتعبير النبويّ: "أفضل أعمال أمّتي انتظار فرج الله(عز وجل)" تعبير بليغ، فكلمة (العمل) هنا قرينة على أنّ هذا الانتظار انتظار إيجابيّ؛ فالذي ينتظر الفرج يعدّ العدّة من جميع الجهات، ويؤكّد هذا المعنى قوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ/)(الأنفال، الآية:60). ................................. (1) ميزان الحكمة: ج1، ص179.