رياض الزهراء العدد 155 لحياة أفضل
غَيَّرَتْنِي
واثقة الخُطى تمشي برفقٍ.. مُنتصبة القامة، قويّة الشخصيّة.. تعلوها هيبة ووقار.. دافئة الصوت لها أحضان أمّ.. مربّية أجيال حكيمة في قراراتها.. قائدة في صفّها.. إنّها مُدرّستي.. لم أكن أحبّ أحداً أو أطيق أن أصادق أحداً.. ولم أكن أتحمّل أن توجّه إليّ الانتقادات على الرغم من تصرّفاتي التي أعترف بأنّها لم تكن ناضجة.. أردتُ أن أبرز نفسي عن طريق العِصيان.. وعدم قبول أيّ رأي .. أعترض على كلّ حديث.. لم أكن أهتمّ بكثرة الملاحظات التي توجّه إليّ.. لم أعد أكترث بملاحظات مدرّساتي بسبب عدم تحضير واجباتي أو مخالفة الزيّ.. أو أيّ شيء آخر أراه يثير غضبهنّ.. أتعمّد أن أقوم به.. في الحقيقة لم يكن تفكيري منطقياً أبداً.. فقد كانت الظروف التي تُحيطني في المنزل قاسية كثيراً.. لم أجد متنفّساً غير عصياني في المدرسة.. ولكن ما إن رأيتها حتى بدأت كلماتها الرقيقة تسحب منّي كلّ تلك السلبيّات التي أحملها.. وفي كلّ يوم أكتشف بها أمرًا؛ فأتعجّب من صبرها على الرغم من محاولاتي العديدة لاستفزازها.. ولكنّها احتوتني.. وجّهتني.. أرشدتني.. منحتني فرصة التعبير عن رأيي.. سامحتني، ولم توبّخني وإن كنتُ أستحقّ ذلك.. أخجلتني من نفسي.. قوّمت سلوكي.. فجعلتْ منّي إنسانة أخرى.. فعرفتُ نفسي.. أحببتُ زميلاتي.. وبِتُّ أتوق إلى أركان مدرستي.. لولاها لم أغدو هكذا.. غيّرتني لمسةُ حنانها.. شعرتُ بسَعة صدرها.. لمعة عينيها توحي بعطفها.. أغرقتني بكلمات مديحها... حقاً غيّرتني... فسمّيتها أمّي بعد أمّي .. هذا ما خطّته صديقتي مِن عبارات في مذكّراتها.