سُرْعَةُ الزَّمَنِ

علياء عبد الله/ لندن
عدد المشاهدات : 135

حين عانق نور "لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له" قلوب البشر؛ أذاب كلّ عنصريّة وقوميّة فيما بينهم، وصار فخرهم الانتماء للإسلام وقيمِهِ السماوية. قيمٌ استجابت لفطرة الناس وتكوينهم وحاجاتهم؛ لأنّ مصدرها الخالق العظيم(سبحانه وتعالى)، ولكنّ الإسلام لم يَسلم من الظلم والتهجّم حين ادّعى أعداؤه أنّ هناك قيماً طارئة ودخيلة عليه، والحقيقة أنّها ليست سوى القليل ممّا يكتنزه القرآن الكريم، وتشعّ بها روايات أهل البيت(عليهم السلام). الوقت، وكأيّ قيمة أخرى، له أهميّة بالغة في الإسلام، فهو موسم للتجارة مع الله(سبحانه وتعالى)، اغتنامه في أن يكون كلّ نَفَس من أنفاسنا ثمناً لكنوز الجنّة، وخسارته تكون بارتكاب المعاصي والذنوب. الوقت يفنى بالإهمال! مخطئون نحن إن كنّا نعوِّل على شبابنا وقوّتنا ونستبعد اقتراب الموت منّا، فذلك استئناس الإنسان بالدنيا وشَغف بالأمانيّ الباطلة. كن صديقاً لوقتك يكن حليفاً يُآزرك يوم حاجتكَ. الوقت مواعيد تُعطي للحياة انضباطاً ودقّةً وبركة، فحين نضيِّعُ حظّنا من صلاة أوّل الوقت لن يجبر خسارتنا شيء. ولكُلِّ وقت مَهمّة، فلنُحسن توزيع المهام، إذ كيف يكون القلب ملتذّاً بالمناجاة بعد التخمة والشبع؟! لن نضَيِّع الطريق، ما دامت كلّ كلمة من كلمات محمد وآل محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) بروعة صياغتها، تشرح جانباً من جوانب النقص فينا، وكأنّها تقرأُ علينا؛ فتُداوي عِلل أرواحنا جزءاً جزءاً. تُرى كم من الوقت قضينا بالبكاء والتوبة والخجل؟ وها هي الصلاة مأدبة الله العامرة بالخيرات؛ فلأيِّ شيءٍ نُضَحِّي بعطاء لا حدود له! وكمْ نسرق من ركوعنا وسجودنا؟ ولنتوقّف وننظر إلى نقاء سرائرنا والتحكّم بالقوى الغضبيّة فينا، فهل نُخفي الحسد والغيبة والرياء وراء أقنعتنا؟ إنّ من أهمّ رسالات الله تعالى محاسبة النفس وزنتها بميزان الورع والتقوى. فهل يجد ذلك سبيلاً إلى نهارنا أو ليلنا؟ العلم والعمل؛ أحدهما يكمل الآخر، ولن يكون صرف كلّ العمر مهما طال كافياً لبلوغ معرفة الله حقّ معرفته، فكم يبلغ تحصيلنا لشهادة الموت؟ الإسلام دين عملٍ وإنتاج وأفعال تملأ النفس قوّة ونشاطاً واندفاعاً، وهو بريءٌ من الجمود والبطالة التي تُلحق بالنفس الوهن والانكسار، فإلى جانب البرامج الروحيّة والأخلاقيّة، نستطيع تشكيل مجتمع قوي بالعمل الخيريّ والثقافيّ والإنسانيّ.