رياض الزهراء العدد 155 الحشد المقدس
مِنْ ذَاكِرةِ الأَحزانِ
بين الماضي البعيد.... والحاضر القريب.... تلك أمُّ الشهيد.... في كلّ زمان .... تقفُ تلك الأمُّ وقفة الحيْران.... فقدت بفقده الأهل والوطن والخِلّان.... يا حياة الماضي.... وموت الحاضر.... غادرَ ربيع الروح .... وأتى الخريف دون استئذان.... يمرُّ ألم فراقه في ذلك الجسد الذي أصبح كشجرةٍ يابسةٍ يهزُّ الهواء كيانها حين يمرّ فتتساقط دموعها كحبّات المطر لتسقي بستان الأحزان... تردّد كلمات الرّحمن "فصبرٌ جميل والله المستعان"..... أما آنَ وقت النسيان؟! كيف ذلك؟! وصُورُهُ تملأ الجدران؟! وصوته كالبلبلِ المترنّم بأعذب الألحان.... وكلماته الدافئة التي تصكُّ الآذان..... وشخصه وظلّه الساكن في الأركان؟! ونداؤه، أمّاه: يا كلّ الحنان.... كلُّ ذلك ما كان بالحسبان..... آهٍ لخبرٍ جاءَ ودقّ جرس الإيذان.... مَن الطارق؟! وإذا بصوتٍ حزينٍ ليس به أمان.... استشهدَ عليّ يا أمَّ عدنان.... موقف اقشعرّتْ له الأبدان.... يا أوّل جرحٍ لا يبرى مدى الأزمان.... قطّع قلبي الفراق، وآلمتني نيران الاشتياق.... كلّ شيء ينادي باسمكَ، ويذكّرني بكَ..... كيف لي أن أنسى تقاسيم وجهكَ يوم رحلتَ وأنتَ تُودّعني والبسمة على محيّاكَ، وقلبكَ يملؤه الإيمان وأنتَ تردّد الأمان...الأمان يا صاحب الزّمان... فاستجاب لكَ ربّ الأكوان.... والآن تخلدُ في الجنان.... وماذا عن قلب الفاقد ؟! كالغارقِ ولا إنسان...... أجل، سقطت في بحار الأحزان.... فلولا الصبر وقوّة الإيمان؛ لابتلعها حوت النسيان، وغرقت في ظلمات الزمان...... الأمان... الأمان...