رياض الزهراء العدد 155 منكم وإليكم
مَكَّةُ تَسْتَقبِلُ مَلِكَ الحِجَازِ
خرج الإمام الحسين(عليه السلام) من مدينة جدّه مع أهله وعياله وبني هاشم في ركبٍ عظيمٍ قاصداً مكّة المكرّمة، بعد ما رفض البيعة ليزيد بن معاوية رفضاً قاطعاً، خرج من المدينة المنوّرة قاصداً مكة سنة ستين للهجرة(1)، فلمّا نظر إلى جبالها من بعيد جعل يتلو هذه الآية: (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ)/(القصص، الآية: 22)، استقبله أهل مكّة بحفاوة، وكانوا فَرِحين بقدومه، وجعلوا يختلفون إليه غُدوة وعشية، وكان قد نزل بأعلى مكة وضرب له فسطاطاً ضخماً، ونزل فيه مدّة من الزمن، ليستقبلهُ بَعدها عبد الله بن عباس في دار العبّاس، بقي الإمام الحسين(عليه السلام) في مكّة لكنّه لم يسلم من شرّ يزيد وأعوانه، فأقام الإمام بمكّة ما بقي من شعبان وشهرَ رمضان وشوالاً وذا العقدة وثمانيَ ليالٍ مِن ذي الحجّة، حيث خرج إلى العراق يَوم التروية، وهو اليوم السابق ليوم عرفة، خَرَجَ الحسين(عليه السلام) مِن مكة المكرّمة بعدما غلب على ظنّه أَنّهم يريدون غيلتهُ وقتلهُ، حتّى لَم يتيسر له أَن يُتِمَّ حَجَّهُ فَتَحَلَّلَ وَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرقبُّ، لتكون الوجهة التالية هي أرض كربلاء، ليخطّ بدمائه دستوراً إلى أحرار العالم. ............................. (1) مقتل الإمام الحسين(عليه السلام): ج 1، ص189.