دِيَارَ الحَبيبِ... أَمْهِلِينِي

زبيدة طارق الكناني/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 161

بعد أن خيّم الصمت على لقائنا، ولم نعدْ نسمع إلّا خفقان القلوب ودقّاتها المتسارعة خاطبتُ مدينتي سامراء الجريحة، فقلتُ لها: ديارَ الحبيب أمهليني دقيقة، لأتنفّس عطركِ، لأشمّ رائحة الفُلّ بحدائقكِ أمهليني لتتحرّر شهقاتي من احتلال الروح لها، وتتّحد مع أنفاسكِ أمهليني دقيقة لأرسم لأجل عينيكِ منارات تشابه مناراتكِ شيّدتُها لكِ في قلبي أمهليني لأجوب دنياكِ وأُسافر عبر الزمن لأسرق نظرة لأجمل لحظاتكِ وأعود لأمجّدها في كلماتي فتحيا ذاكرتي على تفاصيل انتصار مؤرّخ بحرف ذهبيّ وبشغاف قلبي منتشرة فكلّ التجاعيد على جبهتكِ تؤرّخ فرحتكِ الشعبانيّة بانتظار بشارة ولادة الأمل المنتظر حتى صارت أرضكِ خضرَة أمهليني لأعبّر لكِ عن كيفية الحبّ من وراء الحدود فإنّي بعد هذا الزمان صار يجذبني سحر رسائلكِ المنتصرة فتجبر خاطري المنكسر وتُبقي فيَّ الأمل وتجدّد فيّ الروح شوقاً وحنيناً لرؤية نور المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) لا تحدّهُ أرض ولا سماء تناديني بحنين عجيب، فيأسرني عزفكِ على عمق الجِراح وأَجِد في الرحيل إليكِ أُنساً وطمأنينةً كالهجرة لحجّ بيت الله، فأسعى إليكِ عاشقاً متيّماً لأغسل فيكِ كلّ تعبي وآلامي وشوقي سامراءُ يا ديارَ الحبيبِ سكبتِ عشقك بأضلعي ربيعاً بجميع الفصول تُلوّنين فصولي الباهتة فأنقذتِني من فوهة الهزائم و حولتِ أيامي الفارغة لأيام عطرة مجلّلة بسحركِ الطاغي، تُرمّمين ما في روحي من خرائب يا ديارَ الموعودِ! ذاك المتعبّد الراهب كنتِ تُلقّنين قطرات المطر التسبيح والفرح وكنتُ أفّكُ قيدَ الماء من معصمي بالدعاء وفي لحظة الذبول للمشاعر المسكينة تشتّتين الزيف وتضمّدين جراح الألم تقرعين أبواباً وأجراساً لطالما كانتْ خرساء تذبحين حروف الضعف وتعتقين صليب النِفاق فتُشرقين شمساً في جنّة العراق، منارة الخير! تشقّين ظلام الوجد شامخة كنتِ وما زلتِ تنثرين شذى عطرٍ تخطّيتِ بصبرٍ مِحن القضاء والقدر هنيئاً لأرضكِ بمحرابكِ هنيئاً لسمائك بقبّتكِ، هنيئاً لقدركِ بولادة حجّة الله فيكِ هنيئاً لفراشاتكِ المنتشية بانتصاراتها السعيدة برفرفتها ازهري وأنسي الجراح فالمسافات التي كانتْ تحول دون لقائنا بالموعود وأسالتْ أدمعنا ستُطوى طَيّ الصحائف وسيعود من بعد كلّ ذلك الغياب؛ لتستردّ بوجوده صباحاتنا نسماتها وتفيء إلى أعشاشها البلابل، وترقص في السهول السنابل فهل سنطفِئ شمعة ميلادكَ سيّدي أم سنذرف دمعةً للغياب؟