رياض الزهراء العدد 154 أنوار قرآنية
تَعظِيمُ الأشهُرِ الحُرُمِ فِي القُرآنِ الكَريمِ
إنّ الأصل في الترجيب هو التعظيم، ورجب: شهر، ضُمَّ إليه شعبان فقيل لهما: الرَّجبان، و نقول: رجّبته أي هِبته مُرَجّبا و مُهاباً، وأصلُ الترجيب: ميل النخلة لتدعم بالحجارة.(1) وفي أُصول حروفه قال أحمد بن فارس ( ت 395 هـ ): "الراء و الجيم و الباء أصلٌ يدلُّ على دعم شيء بشيء و تقويته، و منه الترجيب، وهو دعم شجرة كثيرة الحمل خشيةَ كسر أغصانها".(2) وقد كان الناس في الجاهلية يعظّمون هذا الشهر؛ لأنّه من الأشهر الحُرم التي يحرم فيها القتال، و هو الشهر السابع بين جمادي الآخر و شعبان من الشهور العربية في السنة الهجرية . قال الله(سبحانه وتعالى): (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)/(التوبة: الآية 36). واعتادَ الناس صيامه منذ جاهليتهم ؛ لِما له من فضل عظيم، ورُوي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «ألا إنَّ رجَبَ شهرُ الله الأصَمُّ ... وإنّما سُمِّي الأصَمَّ؛ لأنَّه لا يقَارنه شهرٌ من الشهور حرمة وفضلاً»، ورُوي عن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّه كان يصومه و يقول شهر رجب شهري و شعبان شهر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وشهر رمضان شهر الله(سبحانه وتعالى)، وهو شهر عظيم. و من أشهر تسمياته: (1) رجبٌ الأصمُّ: "رَجَبٍ الْأَصَمَّ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يُسْمَعُ فِيهِ حَرَكَةُ قِتَالٍ وَلَا نِدَاءُ مُسْتَغِيثٍ وَحَجَرٌ أَصَمُّ صُلْبٌ مُصْمَتٌ"(3). (2) الأصبُّ: فرحمة الله(سبحانه وتعالى) تُصّبُ صَبَّا، و قال إمامنا السابع موسى بن جعفر(عليه السلام): "رجب نهر في الجنّة أشدّ بياضاً من اللبن وأحلى من العسل. مَن صام يوماً من رجب، سقاه الله عزّوجلّ من ذلك النهر"(4). (3) رجبُ مُضر: سمّي بذلك لأنّ قبيلة مضر تعظّمه فنسب إليهم(5). ............................. (1) العين: ج1، ص 114. (2) مقاييس اللغة: ج2، ص412. (3) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير: ج5، ص260. (4) مستدرك السفينة: ج84، ص1. (5) بحار الأنوار: ج382، ص21.