رياض الزهراء العدد 154 لحياة أفضل
وَمَا عليٌّ إلّا نَجَاةٌ
كُنتُ أجوبُ المجرّةَ كأنّني مُذنّبٌ لا يستطيع أن يلحقَ به جرمٌ ولا نيزكٌ، سِرتُ كقبطان متباهٍ نَسِيَ بأنّه لولا الأشرعة ما استطاع أن يُبحر نعم (الأشرعة) التي هي مبادئ الإمام عليّ(عليه السلام)، كيف يمكن أن أتغافل عن وقايتي في الحياة ونجاتي في الآخرة؟ أُبحر وأمرح ولا أنتبه كيف وضعت ملامح هذه الفتاة الوردية (الدنيا)؟ وكيف تُتبع بصواب؟ لطالما قال لها (عليه السلام): "...غُرّي غيري"(1)، ولكنّني تصارعتُ لأقول لها: غُرّيني أيّتها الحمراء دون غيري! خلقَ اللهُ(سبحانه وتعالى) الكونَ بهيئةِ سفينةٍ سابحةٍ في فضائهِ، لم يترُكْها دون قيادة؛ بل جعلها بِسننِ نبيّ الأمّة(صلى الله عليه وآله وسلم) وكأنّما أهدى لعليٍّ(عليه السلام) مجاديفها.. كنت أعلمُ بأنّ كُلّ معضلةٍ لها عليٌّ(عليه السلام)، ولكن لم أفهم كيف أنكرتُ هذا!! فبِمَن أنا تقوّيت؟ بالعمر، أم بالعافية؟!! كيف كنتُ؟ أمُتصالح أم متخالف؟ هل أنا مُتصالح مع عليّ(عليه السلام) حقاً؟.. ولكنّني اقتربتُ من الدنيا كثيرًا وابتعدتُ عن الربِّ أكثر، حلّقتُ في السماءِ، ونسيت سجّادتي على الأرض، دخلتُ في عالم الطيش زمناً وغادرتُ إمبراطورية الحكمة أمداً! لا أدري أين أضعُ قدمي أو أسند ظهري.. لا أملكُ سوى لامٍ معكوسة (عكازة) أخشى أن يوضع تحتها كسرة، فتسقط متهالكة وكأنّ عثّة خشب أنهكتها.. يا للعجب! لم أكن أتوقّع بأنّ فصول العمر لا تدور! ظننتُ بأنّ هجرة الربيع القاسية ماهي إلّا أكذوبة نيسان اللطيف، فبعد كلّ هذا كانت ابتسامة تَقبعُ بين تجاعيدِ وجهي كأنّها لُغة بصيغة الاستفهام، طرأتْ على عقلي الذي يقترب منه الزهايمر؟! لتقول: أين تلك القوّة الجبّارة، واللامبالاة العنيدة؟ إن سامحني الله(سبحانه وتعالى)، فهل ستسامحني نفسي على غفلتي من عليّ(عليه السلام)؟ نفسي التي ظلمتْها نفسي الأمّارة بالسوء؟! بدأتْ ملامح نهايات ذلك المُذنّب تُرسم بريشة رماديّة، وصلت الكهولة، وأنا أجلس على كرسي أتأمّل فارق الزمن، فبدأ النهار يسكن، والغروب يطرب، وفيلمي السينمائي على وشك الانتهاء، وكأنّني لم أكن بطلته يومًا ما، نهضتُ بلهفة المشتاق إلى طرقات المسجد، حيث السكينة، عندما عرفت عليًا حقًا عرفتُ الله(سبحانه وتعالى)، فعلمتُ بأنّها سلسلة لا يمكن أن نتغاضى عن إحدى حلقاتها، وهي تبدأ من معرفة الله(سبحانه وتعالى) حتى المهديّ(عجل الله تعالى فرجه الشريف). أُنهي مسبحتي التي سبقها عمري ليحتلّني استفهام من جديد، أين كنتُ مِنْ عليٍ(عليه السلام)..؟! ........................... (1) مستدرك سفينة البحار: ص1.