لَـنْ نَنْسَاكُمْ

د. إسراء محمّد العكراويّ/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 265

كقطع الليل المظلم تتوالى الفِتن والأزمات عليكَ يا وطني، ففي كلّ صباح لنا خبر تطير له الألباب وتنشغل به الأفواه والقلوب، وفي كلّ عشيّة لنا جنازة أو جنازات يقطر دمها، تشكو إلى ربّها الظلم والغدر، لكَ الله يا عراق.. لكَ الله أيّها الفارس الذي لا يستريح، فلا تنفكُّ من معركةٍ حتى تصول في أخرى، والمرجعية فينا كالطبيب الدوّار بطبّه، كلّما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله بحكمةِ العالِم الذي آتاه الله الحكمة ومن يُؤتَ الحكمةَ فقد أوتي خيراً عظيماً، فينطق بالحقّ والصدق مجاهراً بالموعظة الحسنة مُذكّراً ناصحاً أمينا في كل خطبٍ وهول. فكيف لنا أن ننسى تلك الفتوى المباركة؟ فتوى الدفاع الكفائي ضدّ قوى الشرّ والظلام، التي أزاحت ظلام التخبّط، فأبصر الشعب بها الطريق إلى النجاة؟ وكيف ننسى ذلك الحشد المقدّس من المقاتلين الأبطال الذين تركوا الأهل والمال والولد؟ غير آبهين بالحياة وملذّاتها، مقدّمين أرواحهم فداءً للوطن الجريح. شبابٌ تركوا أحلام الصبا وحملوا البنادق عُراة الصدور، تركوا المنازل وسكنوا السواتر، كيف ننسى ذلك الأب الذي لم يذرف دمعة على جثمان ولده الشهيد؟ بل قال: "الحمد لله الذي أكرمنا بالشهادة، لو لم يكن الله يحبّنا لما اختارنا لهذه الكرامة". كيف ننسى تلك العراقيّة الأصيلة التي استقبلت جثمان ولدها بالزغاريد؟ كيف ننسى تلك الأمّ التي قدّمت فتاها الذي لم يبلغ الحلم وهي تقول: "فداءً.. قدّمته ليواسي القاسم بن الحسن(عليه السلام) لنصرة دين جدّهِ".. أيّها الحشد المجاهد بدمكم اغتسل وجه العراق، وبكم عادت لنا هيبتنا المحتضرة سالمة معافاة.. أنتم ثقتنا؛ فأنتم سور الوطن وأبناء لقمان في هذا الزمان، وأنصار المولى صاحب الزمان(عجل الله تعالى فرجه الشريف).