لَمْ أَعُدْ صَغِيرَةً

فاطمة علي الوكيل/ مدرسة نازك الملائكة للمتميزات
عدد المشاهدات : 187

في بيتنا الهادئ توزّعتْ خطواتي الصغيرة هنا وهناك.. وذكريات طفولتي تجعلني أبتسم كثيرًا وأنسى همومي المدرسيّة التي تُثقل كاهلي.. كنتُ أقفز، وأمرح، والنظرات تلاحقني وتثني على حركاتي على الرغم من شقاوتي.. وبعد كلّ تلك الشقاوة، تبادلني بقبلات على جبيني وكأنّ شيئاً لم يحدث! تضمّني في أحضانها فأستنشق عطرها الذي يشعرني بالأمان.. تأخذني إلى فراشي تهدهدني إلى أن أغفو.. فيكون وجهها الباسم آخر ما تراه عيوني؛ وأراها ملاكًا في أحلامي وملاذًا لجميع مخاوفي؛ لأصحو من جديد على ثغرها الباسم وهي تناديني باسمي.. بالأمس تموّجت خصلات شعرها خلف ستار ربيعيّ يتحدّث عن حياة تلك المرأة، تُقتُ إلى تجربة ذلك الستار؛ لأكون مثل أمّي.. كشعرها، كقامتها.. أرتدي بعض ملابسها خُفيةً لأشعر برضا في نفسي، وكم أبتهج عندما أسمع إحداهنّ تقول: كمْ تشبهك هذه الصغيرة.. أشعر بالزهو، والفخر كأنّ اسمي قد اقترن بروعة البحر.. ضوء النجوم.. وجمال القمر.. نعم كبرتُ يا أمي معك، وصرتُ أقفُ بالقرب منك فأراك أقصر منّي قامةً، بل أحناها الزمان وأتعبها؛ لكنّها لا تزال تخاف عَليّ وتقلق، ولا أستطيع أن أخفي شيئاً عنها؛ لأنّ عينيّ مرآة تقرؤها بصمت وتبتسم، وتعرف ما أخفيه من دقّات قلبي، أمي هل تسمحين لي؟ لقد جاء دوري، لقد تعبتِ كثيراً.. أريد أن أكون مكانكِ.. ومن اليوم فلنتبادل الأدوار.. أو على الأقلّ أشاركك في تربية إخوتي لأرفع عنك بعض همومك.. دعيني أسير بالقرب منكِ.. استندي إليَّ، دعيني أخفّف عنك بعض أعباء المسؤولية لأردّ جزءاً من دَيْن طوّقَ رقبتي، حبيبتي.. لم أعدْ طفلتك المدلّلة.. أنا الآن يمكنني المساعدة، لقد أعددتِ فتاة قادرة على مسك زمام الأمور.. دعيني أدلّلك قليلًا.. فأنا لم أعدْ صغيرة.