وِلَادَةُ إِمامٍ وَتَوْحِيدُ أُمَّةٍ

رياحين حسين/ ذي قار
عدد المشاهدات : 161

يُطلّ علينا شهر رجب في يومه العاشر بولادة ميمونة مباركة لمحمد بن عليّ الجواد(عليه السلام)، أدخلتْ الفرح والسرور على قلوب الشيعة في العصر العبّاسي، خاصّة بعد ظهور الواقفية الذين وقفوا على إمامة الإمام موسى الكاظم(عليه السلام)، فكانت هذه الولادة نقطة فاصلة في حلحلة الأزمة التي كادت أن تُحدث خرقاً كبيراً في خطّ أتباع أهل البيت(عليهم السلام)، حيث عاش الشيعة أسوء الظروف في ظلّ التمييز السياسيّ والعنصريّ والمذهبيّ في عصر كان يُقال فيه لأحدهم: زنديقاً، أهون عنده من أن يُقال عنه جعفرياً!. تصدّى الإمام الرضا(عليه السلام) لمواقف عديدة، وعلى صُعُد مختلفة أسهمت في انحسار الفتنة، مثلما كانت ولادة ابنه الجواد(عليه السلام) بحدّ ذاتها دليلاً وإثباتاً على صدق إمامته(عليه السلام)، حيث كان البعض يعتقد بأنّه عقيمٌ، وهذا يُعدُّ نقصاً ونقض لشروط الإمامة، فقد وصف الإمام ولادة ابنه الجواد(عليه السلام) فقال: "لم يُولد مولود أعظم على شيعتنا بركةً منه"(1)، وكانت إمامته تشبه اصطفائية عيسى(عليه السلام) في سنّ مبكّرة جداً؛ فاستطاع بعلمه وسداد رأيه واتساع معارفه وبما قذف الله في قلبه من علوم الأوّلين والآخرين إسكات ادّعاء المدّعين وإبطال شكوك المبطلين، مثلما كانت لتوجيهات الإمام الرضا(عليه السلام) لشيعته وأصحابه أهميّة كبيرة في معالجة مسألة تولّي الإمامة لابنه خاصة وأنه يُعلن بعلمه اللدني أنّ ابنه الجواد(عليه السلام) يمثّل ظهور أوّل إمامة مبكّرة في خطّ أهل البيت(عليهم السلام) تمهيداً لإمامة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) المبكّرة فقال بعد ما وُلد أبو جعفر: "إنّ الله قد وَهبَ لي مَن يرثني ويرثُ آل داود"( 2)، وأيضاً في حديثه لمعمّر بن خلاد قال: "هذا أبو جعفر قد أجلستُهُ مجلسي وصيّرتُه مكاني. وقال: إنّا أهل بيت يتوارث أصاغُرنا عن أكابرنا القذة بالقذة"(3)، وكان (عليه السلام) أهلاً لها على صغر سنّه، وبعلمه الغزير وحنكته استطاع تولّي الإمامة وتثبيت دعائم الدين ومبادئه وحفظه من الضياع، فولادته (عليه السلام) لم تكن ولادة عاديّة، إنّها ولادة إمام، وتوحيد صفوف الشيعة على خطّ الإمامة. .......................... ١- بحار الأنوار، ج ٥٠، ص23. ٢- المصدر نفسه: ج ٥٠، ص١٨. ٣- الكافي الكليني: ج10، ص321.