وَبُعِثَ المُصطَفَى(صلى الله عليه وآله وسلم)

زينب العارضي/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 161

من قلب غار حِرَاء، أشرقتْ رسالة السماء، وهبط الوحي بأمر الملك العلّام، حاملاً بشرى ميلاد الإسلام، الذي ستشمل أنواره كلّ الأنام، فقد بعث الله محمداً(صلى الله عليه وآله وسلم) فكان لكلّ أنبيائه مسك الختام. جاء الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) صادعاً بالحقّ، ومربّياً للخلق، أقبل كالنور الساطع، والضياء اللامع، يحمل الهدى للبشرية، ويدعوهم إلى الله والاقتراب من ساحة عطائه القدسيّة، والتحرّر من أسر الدنيا، ونبذ الخرافة والعصبيّة التي فرضتها الجاهليّة. فما أجمل أن نشدّ الرحال بقلوبنا اللهفى، لنرتوي من سلسبيل البعثة الأصفى، ونستلهم من هذه الذكرى زاداً يُعيننا على اتّباع نهج النبيّ المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم)، علّنا نحظى برضاه، وننال شرف الارتواء من كأسِه الأوفى، هيّا لنحتفل بذكرى بعثته بالشكل الذي يحيينا، ويبعث الروح في تفاصيل حياتنا، ويؤهّلنا للنصرة الحقيقية لديننا وعقيدتنا وإمام زماننا، عن طريق الالتفات إلى: أنّ المشيئة الإلهية اقتضت أن تختم النبوة بسيّد الكائنات، فصارت رسالته خاتمة الرسالات، ممّا يعني قدرتها على استيعاب لغة الزمن ومختلف التطوّرات، وبقاؤها غضّة طريّة متى ما فُهِمَت على النحو الصحيح، بعيداً عن الخزعبلات، وهذا يدعونا إلى الاعتصام برسالة الإسلام، والدفاع عنها والدعوة إليها على الدوام. الاهتمام بالعلم: فأول آية نزلت: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)/(العلق، الآية: 1) وكأنّها تقول لنا إنّ بداية السير إليه سبحانه تبدأ من الاهتمام بالقراءة والعلم والمعرفة الكفيلة بإخراج المرء من أنفاق الظلام إلى آفاق الضياء والسلام، فلا بدّ من أن نعقد العزم على جعل هذه الذكرى منطلقاً لفهم الإسلام، والاقتراب الصادق من رحاب أولياء الله العظام، أئمتنا (عليهم السلام). لابد من أن تكون الذكرى مبعثاً على التعرّف على الرسول الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم)، ومحاولة جادّة للاقتراب من ساحة لطفه العميم، والتأمّل في سيرته وخُلُقه العظيم؛ ليكون لنا في طريقنا إلى ربّنا خير أسوة، وفي تحدّي صعوباتنا وآلامنا أعظم مَثلٍ وقدوة، وأفضل سبيل للتعرّف عليه هو أن نقرأ ما قاله القرآن الكريم وأئمتنا في حقّه، فممّا لا شكّ فيه أنّ ديننا انتشر بتضحيته وأخلاقه، فقد كان يجهد نفسه لإيصال نور رسالته، متحدّياً القسوة والحصار الذي جوبهت به دعوته، صابراً على مختلف أنواع الظلم الذي مورس ضدّه وضدّ أتباعه وشيعته، آذوه فاحتشدوا لمحاربته، فلم يزدد إلّا ثباتاً وتمسّكاً بشريعته، أغروه وهدّدوه فلم يعبأ حتى نشر في الآفاق رايته، وفي هذا درس للمؤمنين، إذ ينبغي أن يرفعوا شعار الثبات على الحقّ المبين، ويناضلوا حتى ظهور الإمام الموعود(عجل الله تعالى فرجه الشريف) وإن طالت الأعوام والسنين.