رياض الزهراء العدد 154 من على نهر العلقمي
قُرآنُ الوَلَاءِ
عندما أشرقتْ في جوف الكعبة بسمة الندى المتلألئة، بدأ تكوين آيات الذكر المخلَّد من تراب النور.. آية تلو آية.. حتى اكتمل قرآن العشق بالصورة الترابية المقدّسة، فكان القرآن عليّاً، وكان عليٌّ قرآناً..! والبصمة القرآنية الفريدة، ما يزال عطرها فوّاحاً آسراً في الركن اليماني.. مهما حاول الطغاة إخماد عبيره وإطفاء نوره، يظلّ في الذاكرة أضوع من عبير الورد والمسك والعنبر.. آياته في ذاكرة التكوين شجرة طيّبة، أصلها في خلايا النور ثابت، وفرعها في سماء العشق.. ميّاس.. يستحث الأبد كي ينضح لجيناً من المودّة الطاهرة، تُحيي الممكنات وهي موات.. وتملأ فضاءات الروح بفكرة النور الذي لا يجيد حِرفة الانطفاء.. آيات عليّ(عليه السلام) كونٌ بلا نهاية، تتشهاه عناقيد الروح في كلّ حين.. يبتكر في رئتي الدهر أبهى مناجاةٍ ترابية المعنى.. يسيل صداها عسجداً يُرَطِّبُ شرايين الدُنى بحنانٍ لا ينضب أبداً، مهما تطاولت الأزمنة، وتقزّحت الأحداث.. وهي خارطة النور المفضية إلى النور وحقيقة النور.. تفاصيلها مجبولة بماء النور، ومدادها من كوثر النور.. تقطف الروح من أعماقها ثماراً.. فمَن سار بهداها، نال نوراً على نور.. عليّ(عليه السلام) قرآن الولاء.. ومدائن ممتدّة من رائحة الجنّة، بل حقيقتها البيضاء المشعّة طهراً وقداسة.. وما أتى حينٌ من الدهر على لغة الضوء والماء، ما أتى حين من الدهر لم يكن فيه شيئاً مذكوراً، بل كان - وما يزال- فيها الأصل، والفرع، والمنبع، وكلّ التفاصيل التي لا يُحصى لهن مفصل..