رياض الزهراء العدد 154 ألم الجراح
وِلَادَةٌ رَجبِيّةٌ تُزْهِرُ فِي سَامَرَّاءَ
تعال نكتبُ ونُبحرُ بلا أشرعة على المدى البعيد في عراق النبوءات حيث تحطّ أسراب الطيور، تلوذُ بدفء سمائه وفِي حضن سامراء اليوم ننتظر النبوءة المحمّدية العلويّة خلف سور الترقّب حيث نُقشت قَسَماً في كفّ الوقت لتُزيّن سماء شهر رجب منذ عقود تلك السماء التي كساها الغيم لكنّها لم تمطرْ، تنتظر خبراً آتياً من الشمس ننتظر وفِي صدورنا بنادق الحقّ مُتوجّسة من أن يموت صبرنا الطاعن في ثقب السنين ما هي إلّا دقائق غالية وغصن من شجرة الحبّ يورق في سامراء الألم تنبلج منه أشعّة من نور الهادي، يومض ألقاً في حديقتنا الظلماء فيزرع في الصدور أملاً أخضرَ اشتاقت إليه الجفون كنّا نحلم به، فالأحلام جنّة الذين لا مأوىً لهم فمع هبوب النسائم الرجبية، كانت ولادة أمامنا عليٍّ الهادي(عليه السلام) فغرقنا في حبّه واستسلمنا لهمساته التي توغّلت في مسامات الروضة القدسيّة لتسمعها آذاننا لحناً ناعماً رقيقاً مسالماً فنسينا الهَمَّ والشقاء والتعب والحزن ننصتُ باهتمام لتسابيح المؤتمن الناصح وترتيله لآيات الله المقدّسة فتتجلّل أرواحنا التائهة في دروب الحياة باحثةً عن نهاية لوجعها بسحر روحه فأعلنتْ أنّها وجدتْ وجه السعادة وتظلّلنا سمفونية حبّه الإلهي ليملأ الوجود فنسافر بعيداً مع جمال الحرف ودفء المودّة العطرة ويغسل ذنوبنا بدمع يفوح شذاه عطراً، تجمّل بإيمان يفوق مداه عمراً لترسم أنفاس الهادي القدسيّة أمل فجرنا ومن جذوة الإيمان تلك التي في عينيه النقيّتين نهضتْ سامراءُ عزيزةً مثلما تشاء في لحظة عصيّة تحبس الأنفاس وسط دهشة وذهول تفكّ جراحها عن مرسى الجسد وتنفض الغبار عن حدائق البلد، لتصنع غداً برّاقاً يلوح في الأفق للأعين الكثيرة التي تنتظر، وكلّها اشتياق لبسمة وفرج قريب فترجع المآذن في تلك المدينة البهيّة تنادي بنغم الأذان لتبقى هي الحقيقة الراسخة التي تمحو كلّ كدر مآذن حيّرت العالم برسمها وشموخها، صَعُب انتقاء ما يليق بوصفها المُعنونة بالمجد المرفوع أبداً على مدى التاريخ، من تضحيات مَنْ توسّد ترابها من الأطهار فنعود للقاءٍ خلف جراح ذلك الروض العسكريّ الذي ما زال يحاول الالتئام نُلقي بأنفسنا في أعماق وجود الإمام الطاهر، مثلما بعد كلّ لقاء عندما يحين الفراق نحسّ بمدمعنا الرقراق على مشارف العين، ونشتاق إلى ودّكم ونسأل الله أن يسهّل العودة لنا إلى أحضان مراقدكم فيا بحر الشفاء عجباً أن يكون شهر ولادة نورك والجوارح تبكيك مودّعة فسلامٌ على حسنِكَ يا مولود رجب وشهيده سلامٌ على بسمةٍ تستبشر بها حملة عرش الرحمن ويحمدون الله عليها وسلامٌ على روحك النقيّة