رياض الزهراء العدد 162 شمس خلف السحاب
المَهدَوِيَّةُ فِي مَصنَعِ ألقَابِ الحُجَّةِ
من الألقاب التي وُصِف بها إمامنا الحجّة(عجل الله تعالى فرجه الشريف) هو لقب (الطريد) مثلما جاء عن الأصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين(عليه السلام) يقول: "صاحب هذا الأمر الشريد الطريد، الفريد الوحيد"(1) إذ المعنى الأول الذي يمكن أن نستلهمه هو الطرد الممدوح، وذلك ممّا قاله (سبحانه وتعالى) في حقّ نبيّ من أنبيائه: (وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)/ (الأعراف:82). حكاية صراع يعيشها كلّ من يُحبّ البقاء نقيّاً طاهراً في كلّ شيء، وبتلك الصبغة الإلهيّة التي اصطبغها لـمَن اختار طريق الانحراف والفساد، إذ إنّ هذا الانقلاب في الموازين لا يخلو منه زمان، والمهمّ هنا أن تعرف المرأة المؤمنة كيف تتعامل مع هذا الانقلاب أينما كانت، فقد تُستبعد وتُنبذ وتُطرد؛ لأنّها من أهل التقوى والطهر، ولأنّها لا تغشّ ولا تحبّ الإفساد وتعدّي الحدود، أو لأنّها لا تمازح الغرباء، ولا تُداهن ولا تتملّق لأجل مصالح ومنافع شخصيّة دنيويّة. المرأة الواعية لا تتألّم أو تنكسر لكونها طريدة عند البشر؛ لأنّها بذلك تكون مقبولة مكرّمة عند ربّ البشر، وعند الإمام المنتظر(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، بل ملتحقة بقافلة الطريد، وهذا يولّد فيها شعور الاعتزاز بالنفس، والبهجة والفخر لأنّها بذلك تكون طريدة بالمعنى الموافق للطرد الممدوح في ثقافة السماء -مثلما أشرنا- والذي نجد ثمرته في قوله تعالى: (فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ)/(الأعراف:64)، فهي بذلك تكون قد نجت من الهلاك الذي هو مصير خطّ الشيطان والطرد المذموم له ولأتباعه. ويُمكن أن نفهم معنًى آخر لهذا اللقب، وهو أنّ استشعار الارتباط بالإمام(عجل الله تعالى فرجه الشريف) سيُفعّل في المؤمنة المُنتظرة معنى (الطرد)، أي أنّ وجوده(عليه السلام) طارد لكلّ شعور بالكسل، والعجز، وكلّ فكرة سلبيّة تُولد في النفس اليأس والضيق في حياتها، وفي المقابل ستجذب لنفسها كلّ شعور طيّب، فتعيش بكلّ حيويّة وأمل، فتكون حياتها مثمرة، لأنّها على نهج إمامها الطريد الشريد. فلا تبتئسي بأن تكوني طريدة عند البعيدين عن خطّ إمامكِ المرتقب، ولا تغفلي عن الاغتراف من نبعه الصافي لتكوني منتظرة طريدة ناجية، تحيا حياة مثمرة نامية. ............................... (1) كمال الدين: ج44، ص19.