(نَبَاتًا حَسَنًا)(1)

د. إسراء محمّد العكراويّ/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 142

ما أعظم قلب الإنسان!!.. إنّه مخلوق عجيب.. كيف له أن يتحوّل إلى زهرة تتفتّح!! أن يغرّد مع ضحكة صغيرة.. أن يتحوّل إلى عصفور يطير إذا ناغاه وجه بريء.؟!! ينبض القلب بتباشير وأحلام بعيدة المدى كلّما أبصر (جلّنارة)(2) تُطلّ من نافذة الوجود.. يسخّر لحظات الإنسان وأيامه ليراقب هذه الزهرة الرقيقة، كيف تنمو؟ كيف تتفتّح؟! كيف تهَب العطر، وتوزّع الجمال والفرح في هذه الدنيا؟ فيسقيها بالعطف والرعاية، ويدعو لها بالديمومة ما طاب له الدعاء.. أمّا إذا لم يحظَ المرء بنعمة الزهور في منزله فنراه يظلّ داعيًا راجيًا.. منتظرًا هلال البِشْر لينير أيامه بكائن صغير، ذكرًا كان أو أنثى.. هذا الهاجس ليس مُرادًا دنيويًا فقط، فكم من نبيّ سأل الله(سبحانه وتعالى) أن يهبه نعمة الولد الصالح، فما إن رأى زكريّا(عليه السلام) السيّدة مريم(عليها السلام) - وقد كان كفيلًا لها من دون بني قومها، رآها تُحسن العبادة، فيحفّها الله(سبحانه وتعالى) برحمته، تُحسن الدعاء فيُحسن(سبحانه وتعالى) الإجابة ويرزقها من غير حساب، وقد أنبتها نباتًا حسنًا، فتمثّلت فيها الرقّة والطمأنينة -حتّى دعا زكريّا(عليه السلام) ربّه- : (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ)/(آل عمران:38) نعم.. طيّبة.. نسمة تُثقل الأرض بقول لا إله إلّا الله، نافعة كالماء، لا تخدش مشاعر الآخرين بشوكها فتورث اللعنة، وتُرهق أهلها طغيانًا وكفرًا، بل تنشر المحبّة والصفاء أينما حلّت، نبتة مباركة ووجه يرضى بفعله الله ورسوله(صلى الله عليه وآله وسلم)، يكون سرورًا لأهله وإمام زمانه، ومحبوباً عند النبيّ محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) وقريبًا من مجلسه يوم القيامة، من الذين قال فيهم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): "أفاضلكم أحسنكم أخلاقاً، المُوَطَّؤون أكْنافاً، الذينَ يأْلَفُون ويُؤلَفُون"(3) ........................ (1) (آل عمران:37). (2) جلُّنارة هي زهرة الرمّان. (3) غريب الحديث: ج4، ص63.