أَمَلُ المُوقِنِينَ
أنهت اتصالها مبتسمة وهي تتمتم بكلمات، انتبهت فإذا أنظار العائلة متوجّهة نحوها تريد تفسيراً - قالت زهراء -ولا تزال الابتسامة على وجهها- هذا خامس مولود لعائلة صديقتي آمنة. - أمّ زهراء: ما شاء الله "ولَلمولود من اُمّتي أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس"(1) هذا ما ورد عن نبيّنا (صلى الله عليه وآله وسلم)، أخبرينا ما الذي أدهشكِ وجعلكِ تتمتمينَ؟ - زهراء: لأنّ جميع هؤلاء الخمسة باسم محمّد. - هتف الجميع مصلّينَ بصوت واحد: (اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد الطيّبين الطاهرين) - أمّ زهراء: إنّ من حقوق الولد على الأبوين اختيار الاسم المحبّب الذي يُشرّفه، ويبعث الثقة في نفسه، ولاشكّ أنّ اسم (محمّد) هو خير الأسماء، فهو اسم نبيّنا الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، وكذا حمل إمامنا الباقر والجواد(عليهما السلام) وبقيّة الله في أرضه الإمام المنتظر(عجل الله تعالى فرجه الشريف) اسم محمّد، الذي تُشرق به الدنيا محبّةً وعدلاً ورخاءً وسلاماً. - أمّ عليّ: كان النبيّ محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) مثالاً للخلق السامي الصادق الأمين، والروح النقيّة الطاهرة، وبذلك اختاره الله تعالى ليكون سيّد الخلق أجمعين من أنبياء ومُرسلين وعباد صالحين. - أمّ زهراء: نعم وهو خاتم النبيّين والمرسلين، ورسالته خاتمة رسالات الله لهداية البشر، وإعمار الأرض. - زينب: إذن؛ لماذا لاتزال الأرض مليئة بالظُلم؟ - أمّ جواد: لقد أسّس النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) القواعد الأساسيّة للحياة الحرّة الكريمة، ووضع الخطوط العريضة لعلاقة الإنسان مع ربّه، ومع عائلته، وكذلك مع مجتمعه، وبيّن ما عليه من واجبات وما له من حقوق. - أمّ عليّ: ومن المفترض أن يشكر الإنسان ربّه، ويقابل النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، المُرسل بالطاعة والعرفان. - أمّ زهراء: ولكن (واأسفاه) أنّ الأعمّ الأغلب من الناس انقلبوا على الدعوة العظيمة، وواجهوا صاحب الرسالة بالأذى والسوء، بل آذوا حتّى مَن سار على نهجه، خاصّة آل الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وعترته الطاهرة، ولم يراعوا حرمته، فشُرّدوا وقُتلوا ونُفوا من أرضهم، حتّى أتباعهم ومواليهم تعرّضوا لشتى أنواع التنكيل والتعذيب. - أمّ جواد: ولمّا كانت هذه الفئة الظالمة على مرّ الزمان تقتل كلّ مصلح يهدي إلى الرشد، ادخر الله تعالى رحمة منه بالعباد إمامًا مُصلحًا هاديًا مهديًّا يقتلع الظلم من جذوره، ويحطّم أبنية الضلالة من أساسها. - زهراء: طبعاً أنا على يقين أنّ الإمام المهديّ(عجل الله تعالى فرجه الشريف) هو الحجّة بن الحسن(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، ولكن بأيّ دليل أثبتُ للمقابل؟ - أمّ عليّ: أولاً إنّ فكرة المنقذ العالميّ موجودة في كلّ الأديان، وعند العامّة ولكنّ قسماً منهم يعتقد أنّه لم يولد بعد. - أمّ زهراء: هناك أحاديث متّفق عليها من الفريقين تذكر حتّى أوصافه الشخصيّة. - أمّ جواد: سأذكر لكم حديثًا عن النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم): "المهديّ من وُلدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خَلقاً وخُلُقاً، تكون به غيبة وحيرة تضلّ فيها الأمم، ثمّ يُقبل كالشهاب الثاقب يملأها عدلاً وقسطًا كما ملئت جورًا وظلمًا"(2). - زهراء: ما أحوجنا إلى إمامنا الموعود، كأنّ أفواج المظلومين تناديه، أشعر أنّ الأرض تريد أن يحييها بوجوده المبارك. - أمّ عليّ: بل هو أحوج إلى الظهور منّا، فهو يرى الدين قد شُوّه، والقرآن الكريم حُرّفت معانيه، كلّ ذلك يسبّب له الألم. - أمّ جواد: ونحن إذا كنّا محبّين ومنتظرين له حقاً ينبغي أن نخفّف من آلامه بالتزامنا بعقيدتنا وديننا، مثلما علينا الدعاء له بالفرج بلهفة ورجاء: (اللّهمّ عجّل لوليّكَ الفرج). .................................. 1- وسائل الشيعة: ج251، ص9. 2- كمال الدين وتمام النعمة: ج43، ص2.