كَيفَ أتعاملُ مَعَ ابني الشَّابِ؟

صفيّة جبّار الجيزانيّ/ بغداد
عدد المشاهدات : 222

يميل جميع أفراد البشر فطريّاً إلى تقدير الآخرين واحترامهم لهم وتكريمهم، خاصّة في مرحلة الشباب، حيث يحبّ الشابّ أن ينطلق مِن مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب؛ ليكون مستقلاً وحرّاً في تصرّفاته، وهذا ما على الآباء والأمّهات أن يفهموه، فإنّ ابنهم الشابّ لم يعد طفلاً، وطريقة التعامل معه في هذه المرحلة تختلف عمّا كان عليه في مرحلة الطفولة، وقد أكّد على هذا الأمر الرسول الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم) قبل أربعة عشر قرناً، حيث قال: "الولد سيّد سبع سنين، وعبد سبع سنين، ووزير سبع سنين"(1). ففي السنوات السبع الأولى يكون الطفل هو الحاكم، فنرى الأبوين يلبّيان له جميع طلباته وكلّ ما يرغب به؛ شفقةً ورأفةً به، وفي السنوات السبع الثانية حيث يبدأ الطفل بالنموّ جسميًّا وروحيًّا، يبدأ الأبوان بإعطاء الأوامر والتعليمات له، ويجب عليه الطاعة وتنفيذ الأوامر، ثم تأتي السنوات السبع الثالثة التي عبّر فيها الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) عن الولد بأنّه وزير، فهي تختلف عن السنين السبع الأولى والثانية، حيث تتبدّل أفكاره وأحاسيسه كلّياً. وكلمة الوزير لها عدّة معانِ، وذُكر أنّها تعني تحمّل الثقل، فعلى الشابّ في هذه المرحلة أن يكون خير عون لوالديه، وقد أراد الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) من كلمة الوزير أن يسلّط الضوء على رغبة الشابّ بالبروز والاستقلال من جانب عادّاً إيّاه وزيراً ومسؤولاً في الدولة الصغيرة (الأسرة)، ومن جانب آخر أراد أن يُفهم أبويه أن لا يتعاملوا معه في هذه المرحلة كتعاملهم معه في مرحلة الطفولة ولا يخاطبانِه بلغة الأمر، ولا بعنف وقسوة فتُهان عند ذاك شخصيّته، فبالأمس كان عبداً مطيعاً واليوم وزيراً ومستشاراً(2). وبالطبع هذا لا يعني استقلالية الشابّ بشكل تامّ، بأن يُترك حرّاً من دون حدود أو قيود حتّى يُصبح متمرّداً عاصياً؛ لأنّه عندما حمل هذا اللقب (الوزير) يجب أن يكون عوناً وسنداً لأبويه، ولا يمتلك الحرية المطلقة أو الاستقلال التامّ. إذن لابدّ للأبوين من تحقيق هذه الرغبة للشاب، وذلك باحترام استقلال شخصيّته وتقديره، وبذلك يُصبح إنساناً سوياً ونافعاً في المجتمع، أمّا إذا حصل العكس، فالشابّ الذي يُهان من قِبل أبويه ولا يُحترم، ويُعامل بأسلوب قاسٍ، فمثل هذا الشاب يكون عُرضة للضياع والانحراف عن جادّة الصواب. ولذا على الآباء والأمّهات العمل بوصيّة الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، وذلك باحترام أبنائهم وتنصيبهم وزراء ومساعدين لهم، فيكونون أصدقاء لهم وخير معين، يقول الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم):"رَحِم الله والديْنِ أعانا ولدهما على برّهما"(3) وإلّا تحوّل الابن إلى عدوّ وحاقد، فقد قال الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم):"يا عليّ لعن الله والديْنِ حملا ولدهما على عقوقهما"(4) ونختم بقول أمير المؤمنين(عليه السلام): "ولدكَ ريحانتكَ سبعاً، وخادمكَ سبعاً، ثم هو عدوّكَ أو صديقكَ"(5). ....................... (1) مكارم الأخلاق: ص 115 (2) الأفكار والميول في علاقة الشباب والكهول: ص44. (3) مستدرك الوسائل: ج2، ص625. (4) بحار الأنوار: ص 17- 18. (5) شرح نهج البلاغة: 20: ص937.