خُطْواتٌ نَحوَ التَّفَاؤُلِ

حوراء حيدر اللواتي/ عمان
عدد المشاهدات : 226

لِتَكُنْ حَياتكِ كُلُّها أملاً جَميلًا طيبًا ولتَملأ الأحلامُ نفسَكِ في الكهولة والصِّبا مثلُ الكواكبِ في السماءِ والأزاهر في الرُّبى ليكن بأمرِ الحُبِّ قلبُكِ عالِماً في ذاته أزهارُهُ لا تذبلُ ونجومُهُ لا تأفلُ. هذه الأبيات الجميلة لشاعر الأمل والتفاؤل.. إيليا أبي ماضي، التي تدعو إلى أن نرى كلّ ما هو جميل في الحياة.. ونطرح التشاؤم والنظرة السوداويّة إليها جانبًا.. فالتشاؤم لا يقدّم ولا يؤخّر شيئًا.. فلماذا التجهّم والعبوس؟!. وربُّ البشر قد سخّر الدنيا بأسرها لكَ أيّها الإنسان.. فهو القائل في كتابه العزيز: (وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)/(يوسف: 87)، فلماذا يحصر الإنسان نفسه في محيط صغير، وقلبه وعقله يَسعان الكون كلّه؟ مثلما نُسِب إلى أمير البلاغة والبيان الإمام عليّ(عليه السلام): "وتحسبُ أنّكَ جرم صغير وفيكَ انطوى العالم الأكبر"(1)، اخرجي من عزلتكِ، واستمتعي بالحياة فإنّها لا تدوم، استمتعي بها بالوجه الذي يُرضي ربّ العالمين، بلا إفراط ولا تفريط، ولا ظلمٍ للعباد، لتنالي بذلك سعادة الدارين. لا تنسي أن تنظري إلى الجانب الإيجابيّ في كلّ شيء، فمثلما أنّ للتشاؤم تاءً، فللحياة تاءً أيضاً.. وإليكِ جملة من التطبيقات الحياتيّة البسيطة لتحقيق السعادة الدائمة بإذن الله(سبحانه وتعالى): 1- أولى تلك الخطوات أن تكوني على صلة دائمة بخالقكِ عن طريق المحافظة على الصلاة الخاشعة في أول الوقت، إذ قال(سبحانه وتعالى): (..وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)/(العنكبوت: 45). 2- سجّلي في مفكرة أعمالكِ اليوميّة تخصيص وقت لتلاوة القرآن الكريم، وقراءة الأذكار اليوميّة وزيارات المعصومين(عليهم السلام)، إذ يقول الله(سبحانه وتعالى): (أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)/(الرعد: 28). 3- عوّدي نفسكِ على عدم إضمار الكُره لأيّ أحد مهما نالكِ منه ظلمٌ وقهر، وهو بداية مرحلة جهاد النفس. 4- اجعلي من سيرة أهل البيت(عليهم السلام) عِبرة لكِ، فقد كان العدوّ يأتيهم مبغضاً لهم فينقلب صديقاً، لقوله تعالى: (..ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)/(فصلت: 34). 5- لا تجعلي من الفشل والخطأ نهاية العالم، بل درساً لتحقيق الأفضل في المستقبل، فالمؤمن مثلما يصفه الإمام عليّ(عليه السلام) لا يكسل، ولا يضجر، ولا يشكو من ربّه. 6- كوني قانعة وحامدة لله(سبحانه وتعالى)، ولا تنظري إلى ما في يد الغير، يقول الإمام الباقر(عليه السلام): "مَن قنع بما رزقه الله فهو أغنى الناس"(2). 7- اجعلي من الابتسامة عنواناً لكِ لا يفارق محيّاكِ، وطهّري قلبكِ من الأحقاد والضغائن. 8- انشري الحبّ والخير، عن طريق تقديم المساعدة لـمَن يحتاجها، وأخرجي الصدقة دائماً، وقد قال الله (سبحانه وتعالى): (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)/(المطفّفين: 26). 9- القراءة عالم واسع يفتح لكِ آفاقاً واسعة ويحسّن من نفسيتكِ، فقط عليكِ انتقاء الكتاب المناسب لكِ، فأمير المؤمنين(عليه السلام) يحثّنا على الاعتناء بالعقل، ورياضة النفس بالعلوم والحِكَم. 10- اجعلي لكِ أهدافاً يوميّة، وأسبوعيّة، وشهريّة، وسنويّة؛ فتنظيم الوقت هو أول خطوات السعادة والنجاح مثلما يقول المثل المأثور: "لا تؤجّل عمل اليوم إلى الغد". 11- لا تجعلي حياتكِ تقف عند حدّ معيّن، ولا تحصريها في مجال واحد، بل كوني متعدّدة الأهداف والمواهب، كقول أمير المؤمنين(عليه السلام): "اعمل لدنياكَ كأنّكَ تعيش أبداً، واعمل لآخرتكَ كأنّكَ تموت غداً"(3). 12- وأخيراً.. استعيني بالله(سبحانه وتعالى) وتوسّلي بالعترة الطاهرة(عليهم السلام) في كلّ خطوات حياتكِ ومراحلها، لتحصيل البركة والتوفيق في جميع الأمور. ....................................... (1) أعيان الشيعة: ج1، ص552. (2) شرح أصول الكافي: ج1، ص481. (3) جامع أحاديث الشيعة: ج ١، ص ٤١٥.