رياض الزهراء العدد 162 منكم وإليكم
هِجْرَةٌ وَمُهَاجِرٌ
شحّت النفوس الدنيئة حتى بالأنفاس على حبيب الله(سبحانه وتعالى)، فتآمروا على قتله إذا حلّ الظلام، هم وحوش في صورة البشر، استكثروا على الناس الإنسانيّة الحقّة والكرامة، لكنّ الله أبلغ حبيبه بنواياهم، فخرج أمام أعينهم من دون أن يروه، تلك هي عناية الله بعباده المخلَصين، هو مهاجرٌ إلى ربّه ساعٍ إلى انتشال الغارقين في بحر الخطايا، مشى في أوعر الطرق ليصل إلى مبتغاه، ويوصل نور الهداية إلى قلوب التائهين، فقطع صحراء الأرض والنفوس؛ ليأخذ بأيدي الحائرين، وترك في مضجعه جنديّ السماء عليّاً الطهر، فأنزل الله فيه: (وَمِنَ النّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ)/(البقرة: 207). وتمّت تلك الهجرة، فكانت عهداً بين الربّ والنبيّ والوصيّ؛ لإنقاذ العباد من الجهالة وحيرة الضلالة.