رياض الزهراء العدد 162 منكم وإليكم
(لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا . .) (آل عمران: 96)
جُعِلتُ أماناً للناس، شرّفني الله بأن جعلني قبلة لعباده ومركزاً لنشر الدين إلى كلّ بقاع العالم، بقعة شريفة طاهرة، ورغم ذلك تجرؤوا على قدسيّتي، ولم يراعوا حرمتي، إذ عمد إبرهة من قبلُ فهجم بجنوده، ولكن الله تعالى أرسل عليهم طير الأبابيل، فجعلهم كالعصف المأكول؛ عقاباً على تطاولهم، وعاد مرة أخرى التطاول والانحراف على يد شخص عُرف بالانحلال والخبث، يزيد اللاعب بالقردة والخنازير، الشارب للخمر، فضلاً عن استهتاره وتقلّبات مزاجه الباعثة على السخرية، كلّ أفعاله وأقواله منكرة وشعره ماجن، وكان ميالاً إلى كلّ رذيلة، إذ ما ترك موبقة إلّا جاء بها، وهو خلال مدة حكمه ارتكب أفظع الجرائم والجنايات بحقّ الإسلام والمسلمين، ابتدأها بقتل الإمام الحسين(عليه السلام) وأصحابه وسبي عياله بعد أن رفض الإمام(عليه السلام) إعطاء البيعة له حيث قال: "..على الإسلام السلام إذ قد بُليت الأمة براعٍ مثل يزيد"(1)، ثم واقعة الحرّة التي اعتدى فيها على مدينة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) واستباحها ثلاثاً، وقتل عدداً من صحابة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم). مَن قال لكَ يا يزيد إنّ الدنيا بيدكَ حتى تفعل ما يحلو لكَ من دون أن تُحاسب؟ أنتَ طوع أمرها إذ غدوتَ تسرح وتمرح وكأنّه لا حساب ولا معاد ينتظركَ، وكفرتَ بكلّ مقدّس وشمختَ بأنفكَ وأنتَ تقول ملء فمكَ إنّه لا رسالة ولا رسول، حتى أخذكَ الله أخذ عزيز مقتدر وأنتَ تُساق إلى جهنّم بما ارتكبتَ وسفكتَ من الدماء الطاهرة، وإسرافكَ في الظلم على المسلمين، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)/(الشعراء: 227). ................................ (1) بحار الأنوار: ج44، ص326.