تَعَلَّمْ مِنَ الخَوفِ

علياء داود الخالدي/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 157

"كورونا" هل يجب أن نخاف منها أم نواجهها؟ تتسبّب أحاسيس الإنسان في ما يسمّى بظاهرة(fight or flight) الهجوم أو الهروب... فالإنسان منحه الله(سبحانه وتعالى) العقل القادر على تحليل الأمور والظواهر، إذ تعلّم الإنسان القديم حينما يسمع وقعًا شديدًا على الأرض، ثمّ يرى بعد ذلك الحيوانات المفترسة قادمة نحوه لتلتهمه، أن يهرب، أو يهاجم لينقذ حياته. ففي حالة الهجوم أو الهروب يعزّز الجسم بـ (الأدرينالين)، ممّا يؤدّي إلى ضخّ الدم بقوّة وبسرعة في القلب والعضلات، ويصبح الجسم في حالة الاستعداد القصوى، وهذا ما يجب أن نتعلّمه في الوقت الحاضر فيما نواجهه من اختبار إلهي يحتاج منّا أن نأخذ بمبدأي الهجوم والهروب سوية، نهاجم الجهل والتخلّف ونتصدّى للمرض بالمعرفة والعلم والعمل؛ وبالتكافل الاجتماعيّ والتضحية في أحيان كثيرة، وفي حين يتوجّب علينا الهروب من الأشخاص السلبيّين الذين يبثّون الرعب ويُصدّرون الأزمات. لابدّ من أن نجعل من الخوف عاملاً في التغلّب على المِحَن، ونسيطر عليه، ولا نجعله يسيطر علينا، وأن نتحمّل مسؤولية الحياة، ونثابر على عمل الخير، ونضع الخوف والقلق في جيب مثقوب، ونواصل الحركة نحو الأمام، وأن نكون أصدقاء لأنفسنا، وأن نكون مع الله في كلّ شيء. إنّ من أهمّ الدروس والعِبر التي يمكن أن نستخلصها ممّا نمرّ به من مِحَن وابتلاءات، هو الفوز بلا معارك مثلما أنّ النجاح العظيم الذي يحقّقه الإنسان هو عندما يحقّق الفوز في الحياة بدون حروب طاحنة، أو جروح داخلية. يقول (موريهي أوشيبا) مؤسّس فنّ (الألكيدرا) الياباني: "إنّ قوّة الرجل لا تكمن في جرأته على شنّ الهجوم فقط، وإنّما في قدرته على مقاومة الهجمات، والعودة إلى أصل أسلوب الهجوم أو الهروب الذي هو الخوف، ويجب أن نشير إلى أنّ الخوف قد يكون بالعدوى، أو نقل الأحاسيس؛ لذلك تجنّب الأشخاص السلبيّين ومثيري المخاوف، وحاول أن تكون صامدًا؛ لأنّ العقل البشريّ عنده القدرة على الأخذ من كلّ الطاقة الموجودة في داخل الجسم، سواء كانت روحيّة أو ماديّة، حتى يحميكَ من أيّ فكرة خارجيّة حاول أن يبثّها أحدهم في رأسكَ. بمعنى آخر إنّك إذا تحكّمت في إحساسكَ تستطيع أن تتحكّم في حياتكَ، إذن فإنّ من واجبنا أن ندرّب أحاسيسنا وأن لا نجعل العالم الخارجيّ يتحكم فيها، وأفضل طريقة للتحكم في الذات والتغلّب على المشاعر السلبيّة وفي مقدّمتها الخوف، أنّه يجب على الفرد عندما يشعر أنّ أحاسيسه بدأت تشتعل لتقوده إلى التفكير السلبيّ، أن يلتزم بالإدراك والملاحظة؛ لندرك أن ليست جميع مخاوفنا حقيقيّة وتحتاج إلى حروب، بل من الممكن أنّها لا تحتاج إلى أكثر من الالتزام والتوجّه إلى الله تعالى.