كَنزٌ في مَملَكَةِ البَحرِ

جواهر الزهراء إبراهيم شرف الدين/ لبنان، رسوم: خلود الموسويّ
عدد المشاهدات : 146

في إحدى البحار العميقة كانت هناك مملكة تحكمها سلحفاة كبيرة في السنّ، وكانت السلحفاة تجتمع مع صغار الحيوانات المائيّة في مملكتها، وتعطيهم وتعلّمهم دروسًا كثيرة في الحياة، وكانت جميع الحيوانات المائية الصغيرة تجتمع حول السلحفاة إلّا الأخطبوط الصغير الذي كان يحبّ أن يمتلك كلّ شيء من دون عناء أو تعب، خرج صغار الحيوانات إلى العمل جميعهم، وخرج الأخطبوط الصغير كذلك، إلّا أنّه خرج للعب، وبينما هو يتنقّل في البحر وبين الصخور، وجد صندوقًا خشبيّا محكم الإغلاق، أخذ الأخطبوط الصغير يحاول فتحه، لكن من دون جدوى، فقال في نفسه: سأسحب هذا الصندوق وحتمًا سأجد طريقة لفتحه، وسأنعم بالكنز الذي يحويه. وفي طريقه وجد صديقه المحّار، وسأله: ما هذا الصندوق الخشبيّ؟ ولِمَ كلّ هذه الأقفال؟ أجابه الأخطبوط: إنّ هذا الصندوق وجدته في آخر حدود المملكة، وهو حتمًا سقط من إحدى السفن، إذن فلا صاحب له، وهو ملكي. فقاطعه قنديل البحر: عليكَ أن تذهب بهذا الصندوق إلى حاكم المملكة حتى تكون في مأمن، فهو أكبر منكَ سنّاً. قالت المحّارة: مّن قال بأنّه ملككَ؟ بما أنّ هذا الكنز قد وجدته في داخل المملكة إذن فهو ملك لجميع مَن فيها، لماذا لا تبتعد عن عادة حبّ امتلاك الأشياء لوحدكَ؟ إذ غدت تلك الصفة تسيطر عليكَ، فنحن نعيش في مكانٍ واحد، وكلّ واحد منّا يكمل الآخر بما يمتلك، وهو ما خلقنا الله عزّ وجلّ لأجله. فقال الأخطبوط الصغير: لكن أنا مَن وجدتُه وتعبتُ في حمله! فهو ملكي. فأجابت المحّارة: وأنا كذلك أمتلك اللؤلؤ، لكنّي أمنحه لغيري، حتى يتزيّن به تاج حاكم المملكة، وبذلك أكون سعيدة جداً بأن يكون الآخرون سعيدين، كن معطاءً ولا تكن بخيلاً. أحسّ الأخطبوط الصغير بخجلٍ، وقال: حسنًا، هل من الممكن يا أصدقائي مساعدتي في حمل الصندوق إلى الحاكم حتى يكون النفع والخير لكلّ مَن في المملكة؟ فرح الجميع بالقرار الذي أخذه الأخطبوط بشأن الصندوق، وتعاونوا على حمله إلى حاكم المملكة. وعند حاكم المملكة قدّم الأخطبوط الصندوق الخشبيّ وقال: أيّها الحاكم هذا الصندوق الخشبيّ وجدته في نهاية أطراف المملكة، وأنا ورِفاقي قمنا بحمله إليكَ لترى ماذا تفعل بمحتواه. فرح الحاكم بكلام الأخطبوط وقال: أحسنتم الصنع يا صغاري، فالمملكة تحتاج إلى الكثير من الخدمات التي تجعلنا سعداء.