فَضْفَضَةٌ..
لماذا يتشابه الغروب مع الشروق؟ ألأنّ البدايات تشبه النهايات.. مثلما يبدأ القلم بنقطة صامتة مجرورة لتكوين كلمة، وينهيها بنقطة صامتة أخرى مضمومة على نفسها.. أيكون الشفق هذا هو العَلَم الرسميّ لدولة السماء؟ هل هو ابن العتمة؟ هل هو جرح في خدّها أم ابتسامة خجلى؟ هل للطيور من ذاكرة؟.. هل تحنّ إلى أعشاشها الخالية.. كان لجدّتي - رحمها الله- جدائل نحاسيّة وعينان زرقاوان لا يفارقهما سواد المِكحلة، تشبهان سماءً منعكسة على سطح بئر.. كان مشهد اعتنائها بنفسها لوحة أثريّة فنيّة متحركة.. للجدّات عطر خاصّ بسيط برائحة الورد لكنّه نفّاذ، يسردنَ لنا الحكايات القديمة وكأنّها حدثت بالأمس، الشخصيّات في قصصهنّ أحياء يرزقون وإن واراهم التراب منذ عقود، مَن تحبّه جدّتكَ في شجرة عائلتك الواسعة فستحبّه أنتَ أيضًا، ومَن تبغضه فستبغضه أنتَ كذلك! هكذا بلا بيّنة، فقط وفقط؛ لأنّ قلبكَ متّصل بقلبها حينما تجلس معها جلسة وُدّ ومسامرة، الجدّات لا يكذبنَ.. الجدّات لهنّ سُلطة على الأحداث والزمن والشخوص، في كلّ رواية تنقل لكَ من أفواههنّ وما عليكَ إلّا أن تُذعن.. إنّها تُمطر! أين؟ هنا... في داخلكِ، بكلّ الأحاديث التي لم تقلها، ستبقى معكِ تبحث عنها في سطور غيركِ.. تبحث عن نفسكِ لتقرأها على لسان أحدهم لأنّنا متشابهون، نحن البشر نتشابه في أوجاعنا، وما يختلف هو فقط سيناريو أحداث حياتنا، تفاصيل حياتنا مختلفة، أمّا الألم فهو ذاته، جميعنا نتذوّقه بالطعم والحاسّة أنفسهما.. لا يكون شريك الحياة شريكاً حقيقياً إن لم تجمعكما قواسم مشتركة في كلّ شيء، فابحثي عن صديق أولًا، فالعيش طوال العمر مع زوج فقط ستكون عيشة مملّة، نعم لا أحد يشبه الآخر مئة بالمئة، حتى الإخوة الذين يتربّون في بيئة واحدة وبيت واحد يكون لكلّ منهم شخصيّة مختلفة.. لذا إن رأيتِ مَن يتقدّم إلى خطبتكِ متّفقاً معكِ في الأهداف والأفكار والرؤى بنسبة ستينَ إلى سبعين بالمئة، فلا تتردّدي بالارتباط به. كبار السنّ والأطفال يخيّل إلى البعض أنّهم بحاجة إلينا، بيد أنّنا نحتاجهم أكثر.. فأرواحهم قريبة من الرحلة الحقيقيّة..