أَيَادٍ امتَدَّتْ لِتُبَلسِمَ الجُرُوح

أزهار الخفاجي
عدد المشاهدات : 147

بعد المعاناة التي مرّ بها العراق من البديهي أن ينشأ جيل من الأرامل والأيتام والفقراء، وقد فقدوا الأمل بالحصول على العيش الرغيد، فمُزقت الأسر بعد فقد معيلها، وبدأت تدقّ باب هذا وذاك من أجل إنقاذها من الواقع المرير، وأخذ اليأس منهم مأخذاً، وباتوا لا يرون إلا الخوف من المستقبل. من وسط تلك الأجواء امتدت أيادٍ بيضاء لتبلسم القلوب الجريحة، وتعيد لها البسمة والأمل بالحياة، ومن تلك الأيادي الأخت يد الأخت سميرة محمد حسن/ مدرسة في المعهد التقني وأحد أعضاء مؤسسة السجاد الخيرية لتزويج الشباب ورعاية الأرامل والأيتام والفقراء.كان لمجلة رياض الزهراء (عليها السلام) وقفة معها في سياق الحوار الآتي: بداية الولوج في هذا الطريق؟ منذ الطفولة كنت أرى أهلي وهم يمدّون يد العون للفقراء، حتى جاءت الانتفاضة الشعبانية وتعرّض بيتنا وما نملك للخراب والدمار بفعل الطاغية المقبور، ولم يبقَ لنا مصدر للرزق. كنتُ في حينها طالبة، فقمت بعمل مشروع خياطة للملابس مع زميلتي وبيعها بالجملة، بالفعل حقق المشروع لنا أرباحاً، بعدها حصلت على وظيفة في المعهد وتحسّنت أحوالي المادية، وبدأت أفكر في ترميم بيت أهلي، وطلبت من أحد أقربائي أن يأتيني بعامل بناء ثقة تمّ ذلك وجاء الشاب للعمل لكنه كان يعمل ببطء، وعندما استفسرت عن أحواله أخبروني بأنه يراعي والدته المريضة، فقدحت في خاطري فكرة تزويج هذا الشاب، وبالفعل قمت ببيع قطعة ذهبية؛ لأشتري له غرفة نوم من مؤسسة السجاد، كان ذلك قبل انتمائي لها، وقد شجّع عملي هذا الجيران، لعملي هذا فقاموا بالتبرع بما يحتاجه الشاب من مستلزمات الزواج، وكانت هذه الخطوة الأولى في هذا الطريق، وبدأت الخطوات تأتي تباعاً، بعد ذلك انضممت إلى مؤسسة السجاد التي أُسّست في الخامس عشر من شعبان لسنة 1425هـ الموافق سنة 2004م, وموقعها الحالي في باب بغداد ويديرها السيد فاضل الحسيني . ما طبيعة العمل الذي تقدمّهُ المؤسسة بمساعدتكم للفقراء والأيتام والشباب؟ بعد أن أكمل عملي في المعهد الساعة الثالثة مساءً, أذهب لأتفقّد الفقراء، واستفسر عن ما يحتاجونه، أمّا الأيتام فأدعو الأمهات لجلب مستمسكات اثنين من أبنائهنّ ليتسنى تسجيلهم في المؤسسة. وبالنسبة للشباب استفسر عن أحوالهم، هل هم مستحقون أم لا؟ ذلك لحرصي على وضع المال في مكانه الصحيح، وعند حصولي على معلومات كافية أقوم بتزويد الشاب بغرفة نوم بسعر زهيد مع 20 حاجة مجانية. هل لديك نشاطات أُخر؟ أقوم بإعطاء درس في الفقه في منطقة الحسينية يوم واحد في الأسبوع، وذلك لطلب منهم لتعطشهم للتفقه وقد استفادوا والتزموا وأصبحوا يستفسرون عن كلّ مسألة، إضافة إلى أني طالبة أدرس الفقه في يوم الجمعة في العتبة الحسينية المقدسة. طبيعة عملكم في المعهد تعطيكم خبرة بالأعمال والاختصاصات، هل حاولتِ إفادة هؤلاء الناس من تلك الخبرات؟ حينما أذهب لمساعدة الفقراء وعن طريق عملي في المعهد أعرض عليهم فكرة مشروع لكي لا يكونوا اتكاليين، فالمال لا يوجد لدينا في كلّ حين؛ لذا أطلب منهم أن يعتمدوا على أنفسهم، فإذا كان لديهم استعداد للفكرة عملوا بها. الكثير من العوائل استفادوا من ذلك، إذ أقوم بدعمهم بالمال وهم بالعمل، مثلاً: قسم أزوّدهم بمكائن خياطة، وآخرون أزوّدهم بتنانير غاز وبعضهم قوالب الترب، أو أعلّمهم حياكة الليف وبيعه، أو أقترح عليهم عمل الكبة والبورك.. إلخ من المهن التي تكون مصدر رزق لهم هل لمستم استفادة الناس من هذه الإعمال؟ أنا دائما أتابع العوائل التي قامت بعمل مشروع لأتعرف على مجريات العمل، بالفعل وجدت ما أفرحني وهو أن ما زرعته قد أثمر وحقّق الخير للناس ما الذي أضافه لك هذا العمل؟ أهم شيء أنه شملتني الرعاية الإلهية إذ أخرجت حب الدنيا من قلبي، وأوصلتني إلى حسن العبادة لأني اطلب بعملي هذا رضا الله (عز وجل) وما كان لله ينمو. كلمة أخيرة؟ عن طريق منبركم هذا أودّ أن أقول لكلّ مؤمن ومؤمنة أن لا يتقاعس عن عمل الخير فكلّنا مسؤولون في زمن الغيبة، وانصح كلّ فقير أن يبذل قصارى جهده ليعيش بكرامة، ولا يكون اتكالياً ينتظر من هذا وذاك. هذه هي المرأة العراقية، تضع يدها على جروحها لتداوي الآخرين، فهي كالشمعة تحترق لتنير الطريق للباقين.