رياض الزهراء العدد 163 لحياة أفضل
بِنَاءُ المجتَمَعِ في فِكرِ الزَّهرَاءِ (عليها السلام)
المجتمع الإسلامي مجتمع تربّى أفراده بكيفية خاصّة من الولادة، بل منذ خلق الجنين في رحم أمّه وحتّى الممات، وكلّ مرحلة من حياة الفرد المسلم لها أهميّة كبيرة، فمثلاً هناك آداب إسلاميّة للعلاقة بين الزوجين قبل الشروع في حياتهما المشتركة، ومرحلة الخطوبة وما يتخلّلها من معاملة، من الاحترام المتبادل وتوطيد عُرى المحبّة بين أسرتي الزوج والزوجة، وكذلك في مرحلة الزواج وما يفرضه من مسؤوليّات من قِبل الزوج تجاه زوجته، وكذلك من قِبل الزوجة تجاه زوجها، وضرورة الاختيار لكليهما وَفق أساس التديّن، وليس على أساس المال والجمال، و ضرورة الاختيار الصحيح الذي يضمن توافق الطرفين بدون التعويل على المظاهر الخدّاعة التي سرعان ما تزول وتذهب أدراج الرياح. لذا نلمس عن طريق الروايات أنّ السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) سعت إلى تمهيد الطريق أمام المجتمع للعيش الكريم، أولاً عن طريق تفعيل دور الزوجة والأمّ في الأسرة كأحسن ما يكون، فكانت تستقبل النساء في بيتها وتعلمهنَّ ما ينفعهنّ في بناء أسرهنَّ وَفق طرق سليمة مبنيّة على رضا الله تعالى، وخير مثال على ذلك فضّة جارية السيّدة الزهراء (عليها السلام) فما تكلّمت إلّا بالقرآن الكريم على مدى عشرين سنة، لذا تعدّ الأسرة بمثابة النواة أو الأرضيّة الصُّلبة في فكرها (عليها السلام) التي يستند عليها المجتمع، ولا ريب في أنّ تماسكها يؤدّي إلى تماسك المجتمع والعكس صحيح، إذا توافرت عوامل هدّامة تكون سبباً في ضياعه، لذا فإنّ المسؤوليّة يجب أن تكون مشتركة بين دعامتي الأسرة الأب والأمّ، فلا غنى لطرف عن الطرف الآخر، والكلّ مسؤول أمام الله تعالى بما يضمن المصلحة العامّة لكلّ أفراد المجتمع وشرائحه.