الحِوارُ الأُسريُّ وأثرُهُ فِي الأُسرَةِ فِي مَنظُورِ السَيِّدَةِ الزَّهرَاءِ (عليها السلام)

سجى جبّار الرماحيّ /النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 169

إنّ الحوار بين أفراد الأسرة يُعدّ بمثابة المفتاح الذي يُوصلهم إلى سبيل التفاهم والانسجام، وكذلك هو القناة التي تُوصل أفراد الأسرة بالآخر، فعندما يتحاور الأبناء مع الوالدين إنّما يعبّرون عن أنفسهم ويعبّرون عن جوهر شخصيّتهم، وهذا بحدّ ذاته يحقّق الاتّزان الانفعالي لدى أفراد الأسرة، فالحوار داخل هذه المؤسّسة العظيمة له أهميّة كبيرة وضروريّ لأفراد الأسرة في مختلف مراحل الحياة، مثلما أنّ انعدام الحوار والمناقشة داخل الأسرة يؤدّي إلى عدم التفاهم والتباعد بين أفرادها ويؤدي إلى حدوث مشاحنات وصراعات ممّا يؤثّر في نفسيّة الفرد وسلوكيّاته. إنّ المتتبّع لسيرة السيّدة الزهراء (عليها السلام) يجد أنّها مدرسة متكاملة في مختلف أبعاد الحياة، فهي القدوة للجميع، النساء والرجال، إذ إنّها أعطت دروساً مهمّة في بناء الذات البشريّة التي تشكّل القاعدة الأساس التي يقوم عليها الحوار الأسريّ الفعّال الشامل الذي يعدّ أحد الأعمدة الرئيسة لبناء شخصيّة الإنسان، ولذلك كان من الضروريّ التمسّك بالمثال القويم والمتكامل المتجسّد في شخصيّة السيّدة الزهراء (عليها السلام)، ولأنّنا بأمسّ الحاجة اليوم إلى مراجعة هذا الأنموذج الصالح الذي قال فيه الباري عزّ وجل: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) (آل عمران: 42)، ففي ربيع البيت الفاطميّ تنتشر رياحين الجمال والجلال، فتخضرّ أغصان فاطمة (عليها السلام) اليانعة، فتشمّ ثمرتها الطيّبة بعطر التفاحة التي وهبها الله تعالى إلى نبيّه من الجنّة، فسرى عطرها في أبنائها بعين الرعاية والمحبّة، فتلاعب فاطمة (عليها السلام) حَسَنها (الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)) وتقول : أشبه أباكَ يا حسن واخلعْ عن الحقّ الرسن واعبدْ إلهًا ذا مِنَن ولا تُوالِ ذا الإِحَن(1) نلاحظ أنّ التربية الفاطميّة حتّى في طريقة مؤانستها ومداعبتها لصبيّها، تطبّق برنامجاً مستقبليّاً بالسخاء والجود وإظهار الأسرار الكامنة عنده، وهو تخطيط لنا من أجل بناء الحوار الفعّال وفي ممارسة التربية الصحيحة، إذن لابدّ من التأمّل في هذه الشخصيّة العظيمة والوقوف عليها، خاصّة مع ما نعانيه اليوم من تفكّك أسريّ وعنف بمختلف أشكاله. ............................. (1) مناقب آل أبي طالب: ج ٣، ص١٥٩.