رياض الزهراء العدد 163 منكم وإليكم
اللُّجُوءُ العَفوِيُّ
هل تعلم ماذا يعني لكَ اللجوء العفويّ؟ أو القلب الوطن؟ وبالأحرى التمسّك بمنظور تشابك الأيادي بين روحين؟ أو لماذا نفضّل أن نعيش ألف سنة في ظلّ ما يُعرف بالاختباء العفويّ خلف أرواح أخرى.. تاركين خلفنا مدناً من القوّة، والتظاهر باللامبالاة، وحكايات أوكلنا كلماتها إلى قلوب العابرين؟ السبب يكمن في دواخلنا التي تلتمس الأمان عِبر مجسّات لا يحبسها البُعد ولا تضمحلّ مع المسافات.. هي مجسّات شفّافة، نقيّة، بتردّدات لاشعوريّة عصيّة على التشخيص الخاطئ، فهي لا تعرف التشويش مطلقاً.. مصدرها القلب، ووقودها نقاء الروح المضيفة.. نركن إليها وقت الانزواء، بعيدًا عن العالم، وبعد كلّ أزمة ثقة تضرب أعماق قلوبنا، أو خذلان نتعرّض له.. نختار معها بعد عناء وصراع ذاتيّ مُضني العودة مرّة أخرى إلى مضمار الحياة بجولة رابحة جديدة، على الرغم من أنّ الفرصة أقلّ انحسارًا عن سابقاتها.. فنحيا مكتّفين بمحاولة أخيرة تُمنح لـمَن يستحقّ شرف المحاولة... ولكن كيف نعلم أنّه مَن يستحقّ شرف المحاولة الأخيرة؟ هي المجسّات لا غيرها مَن يجعلنا نرزح من فوهة المأساة نحو مظلّة روح أُخرى أكثر أمانًا، وأبعد عن مركز المواجهة النفسيّة المدمّرة.. فنفضّل أن نبقى مختبئين، متشبّثين، ومتّجهين صوب دفء قلبٍ واحدٍ نلجأ إليه بكلّ ما تعرفه لغة الإنسان من مشاعر.. خوف، ترقّب، حزن، بل حتّى في أقصى حالات الفرح الجارف يحدث أن نُلقي بقلوبنا في فضاءات تلك الأرواح.. من دون أيّة وجهة أخرى.. فقط لأنّها تستحقّ بجدارة وصف الملاذ الآمن.. ومستقرّ الاختباء العفويّ، وأوطان من الغربة للكثير منّا..