رياض الزهراء العدد 163 منكم وإليكم
بالأَزماتِ نَرتَقِي سُلَّمَ النَّجَاحِ
تمرّ علينا الليالي والأيّام، وتضعنا الحياة وسط صعوبات وتحدّيات لم تكن في الحسبان، فقد نُصاب بفاجعة، أو فَقد عزيز، أو ضياع الأمل الوحيد الذي كان أمام أعيننا، لم نتوقّع أن نقع في هذا الموقف أبداً، فيسأل المرء نفسه: لماذا أنا؟ لماذا غيري يتمتّع بكلّ هذه النِّعم وأنا ضاع منّي حلمي الوحيد، وكنتُ أعتقد أنّني على الطريق الصحيح، فأين أنا الآن وماذا أفعل؟ كلّ منّا تضعه الحياة في موقف كهذا، فالبعض يشعر بالضياع وفقدان الأمل، وهذا في الحقيقة من حقّه، فمن حقّه الحزن ومن حقه الاكتئاب النفسيّ، ولكنّ السؤال المهمّ هنا: هل هذا ما تريده فعلاً؟ أن تُصبح محبطاً حزيناً لا تعرف ماذا تفعل؟ الحقيقة أنّ هذه الأزمات هي مَن يعيد إلى حياتنا التوازن، فلولا هذه الفاجعة وهذا الفقدان، لما أعدنا برمجة حياتنا، فقد يصعب على البعض تقبّل هذا الكلام، ولكن ركّز في المِحنة التي أنتَ فيها، فإذا تركك شخص عزيز عليك، ولم تستطع استرجاعه بأيّ حال من الأحوال، فتقبّل هذا الواقع وتذكّر قوله تعالى: (كلّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ( (الرحمن:26، 27) فهذه هي سنّة الحياة، وعوضاً عن الحزن والبكاء واليأس، عليك بالدعاء وقراءة القرآن الكريم، والتصدّق عن هذا الحبيب الميّت؛ لكي يحصل منكَ على هديّة تدخل عليه السرور في قبره، وفي الوقت نفسه أنتَ ستكون قريباً منه وكأنّك متواصل معه مثلما كان في حياته، ومغزى الكلام أنّه عن طريق هذه التصرّفات ستكون أنت أقرب إلى الله تعالى، ومن ثمّ هو المسدّد للصواب، وتذكّر قوله تعالى:(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا( (الشرح:5، 6) ففيها تركيز أنّ كلّ مصيبة ومعضلة وعسر يرافقهم يسر ورحمة، بشرط أن تتقبّل حكم الله تعالى، وتكون مطمئنّاً في قرارة نفسكَ أنّ هذه الأزمات ما هي إلّا نقطة تحوّل في حياتكَ، فالله (سبحانه وتعالى) هو العالم بالصالح لنا ولمستقبلنا وأولادنا، لذا يجب أن نعي أين نحن الآن، فلا نضيع في حزن الماضي، ولا نتعب ونضع آمالاً بلا سبب وهدف للمستقبل، والآن حان الوقت أن تقرّر ماذا تفعل، هذه الصدمة هي لإعادة برمجة الحياة، ومهما كان الذي فقدته من عزيز ومهمّ وغالٍ على النفس، ولكنّه يبقى جزءاً من حياتكَ، فبقاء الحال من المحال، وصار الوقت أن تتركه وتبدأ من جديد، فعِش كلّ لحظة، ولا تترك لحظة تضيع منكَ، فعمل اليوم هو ثمرة الغد، ونجاح الغد هو بسبب جهد اليوم.