رياض الزهراء العدد 163 صحة العائلة النفسية
الإِرهَابُ النَّفسِيُّ
هو أسلوب منظّم من العنف والرعب، الغرض منه تحقيق غايات وأهداف معيّنة، أي هو شكل من أشكال العنف الذي يُزرع في قلوب الناس وعقولهم عن طريق القوّة المدمّرة، وإشاعة الفوضى والدمار. قد يكون أحياناً فعلاً وأحياناً ردَّ فعل، وهو يستهدف جماعة أو أشخاصاً معيّنين بهدف إيقاع الرعب والفزع النفسيّ، فهو حرب أفكار، وتغيير سلوك موجّه ضدّ النفس البشريّة وضوابطها وميدان شخصيّة الإنسان. فإنّ الخوف والذعر والفزع الذي يُنذر به تارة وينفّذه تارة أخرى حتماً تتبعه آثار سلبيّة تعرّض الفرد للضغوط والتهديد بشكل مستمرّ، وقد يُضعف مقاومته ومن ثمّ يؤدّي به إلى القيام بسلوك يتنافى مع ما يحمله الفرد من معايير ذاتيّة وضوابط معرفيّة. فضلاً عن أنّ له آثاراً نفسيّة تتمثل بآثار شدّة الفعل العنيف المفاجئ للصدمة النفسيّة وما يلحقها من عواقب، أو ما يُعرف باضطرابات الضغوط الصدميّة للذين اختبروا أو شاهدوا مآسَي وأحداثاً مرعبة، وقد تظهر عليهم أعراض نفسيّة تلازمهم طوال حياتهم تحول دون العودة إلى حياتهم الطبيعيّة. والإرهاب النفسيّ والحرب النفسيّة متشابهان في التأثير في سلوك الفرد، إذ كلاهما سلاح غير مباشر تجاه الإنسان، فمثلاً الإعلام السلبيّ هو أحد أنواع الإرهاب النفسيّ، إذ أصبح عنصراً فعّالاً في عمليّة اتخاذ القرارات، مثلما أصبح أسلوباً تستخدمه الدول لنشر أفكارها وسياستها، إذ هو حرب الكلمات والإشاعات يزلزل العقول، ويغيّر السلوك ممّا يولّد عدم الثقة والتوتّر عند الفرد. وقد يصل الإعلام السلبيّ إلى حالة من القمع وارتكاب الأخطاء، وإجبار الأفراد على التصرّف وَفقاً لمشيئة المخطّطين له، وشلّ إرادة المقابل ودفعه إلى اليأس والاستسلام نتيجةَ تحطيم معنويّاته، والقضاء على التماسك الفكريّ والقيميّ، وزرع بذور التفرقة واللعب بآراء الفرد وأفكاره وانفعالاته وعواطفه باستخدام وسائل الضغط النفسيّ والبدنيّ والاقتصاديّ والاجتماعيّ والسياسيّ والثقافـيّ بالتحكّم في إرادة الفرد. فالإرهاب النفسيّ لا يرجع إلى إصابة أو تلف في الجهاز العصبيّ، وإنّما يرجع إلى اضطرابات في علاقات الأفراد مع الوسط الاجتماعيّ الذي يعيشون فيه ويتفاعلون معه، والإرهاب النفسيّ يولّد القلق وعدم الاستقرار. ولا يخفى على أحد أنّ الأجواء الإرهابيّة المفزعة وما يرافقها من قلق ورعب واضطراب التي يخلقها الإرهاب لا تستثني أحداً خصوصاً الأطفال والمراهقين، ومَن هم في بداية الشباب، ففي دراسة أُجريت على ألف طفل وشابّ عن الإرهاب والحروب والاختطاف كونها تمثّل واحدة من مجموع عشرين نوعاً من المخاوف أظهرت النتائج أنّ الإرهاب والاختطاف على رأس تلك المخاوف، ثمّ تلتها المشاركة في الحرب، ثم التعرّض إلى هجوم مسلّح، فالأعاصير والزوابع، أو السباحة في مياه عميقة. وأشارت دراسة أنّ حتّى الأطفال دون سنّ الثامنة يمكنهم التمييز بين الحقيقة والخيال، ممّا يجعل لوسائل الإعلام المرئيّة تأثيراً بالغاً في صحّتهم النفسيّة، تحديداً تلك المتعلّقة بأنباء الاختطافات والقتل والإرهاب والأخبار المحزنة، مثلما استنتجت دراسة أخرى أنّ الحرب تؤثّر في الصحّة العقليّة للأفراد بمعدّل (19 مرّة) أكثر من أولئك الذين لم تتعرّض بلدانهم إلى الحروب.