رياض الزهراء العدد 163 واحة البراءة
طَازَجٌ يا كَعكُ
يعيش العمّ عمّار بائع الكعك هو وزوجته في القرية، وفي كلّ صباح بعد أن يصيح ديك العمّ عمّار تصحو زوجته لتصلّي صلاة الفجر، ومن ثمّ تستعدّ بأدواتها البسيطة لتصنع الكعك، ويصحو أطفال القرية القريبون من منزل العمّ عمّار على رائحة ذلك الكعك عندما ينضج، وفي سلّة القشّ توضع أقراص الكعك، وتغطّى بمنديل طرّزته الخالة أمّ عمّار بكلمة (هنيئاً)، يحمل السلّة العمّ عمّار ليبيعه طازجًا للأطفال في طرقات الأحياء الضيّقة، وفي أحد بيوت الضيعة (القرية) تعيش حلا، وهي بنتٌ يتيمة الأب، تُوفي والدها وهي في عامها الأول، ربّتها أمّها بكلّ حبّ واهتمام، تخيط أمّ حلا الثياب وتبيعها في السوق لتؤمّن لحلا كلّ مصاريفها، وأهمّها مصاريف المدرسة، كانت حلا تحبّ كعك العمّ عمّار كثيراً، ما إن تسمع صوته ينادي:"كعكُ يا كعكُ طازجٌ يا كعك" حتّى تركض سريعاً لتشتري منه كعكة، وكعادة العمّ المُحسن الطيب يقدّم لها كعكة بثمن وكعكة أخرى كهدية، فتخجل حلا وتحمرّ وجنتاها، يمسح العمّ على رأسها ويقول :"أنا أدفع ثمن الكعكة الآن وأنتِ تدفعين ثمنها عندما تكبرين" لم تكن تفهم حلا كلام العمّ عمّار كثيراً، ولكنّها كانت تشعر بالرضا والاطمئنان. كانت تنتظر حلا العمّ عمّاراً كلّ يومٍ وهي تكبر وتنمو وتدرس وتنجح وتتفوّق وتتخرّج وفي يدها كعكة من كعكاته اللذيذة، وفي هذه المرّة هي في المستشفى طبيبة ماهرة اسمها يلمع في القرية والقُرى المجاورة، ترعى المرضى وتهتمّ بهم وتساعدهم، تحسن إلى الفقراء، وتعطف على الأيتام، وطبعاً هي لم تنسَ العمّ الكريم عمّاراً، ففي كلّ يوم يأتي إلى زيارتها تسأل عن أحواله، وتبتسم في وجهه بسمةً سرّها كعكة الخير، وإذا مرض فإنّها تُسرع إلى عيادته وتوفّر له الدواء اللازم؛ لأنّه لم ينسها وهي صغيرة فكيف لها أن تنساه وهي كبيرة.