رياض الزهراء العدد 163 من على نهر العلقمي
رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ
آن للتسكاب أن يفرش أروقتكَ بقطرات الدمع الملتهبة، فقد تخضّب الحلم المراقب بلون الفراق.. وتداعت كلّ الأحاسيس عند هطول الغياب على مرفأ الذاكرة. أيا وطن.. كنتَ لنا قلبًا يحتوي آمالنا، ويُصغي إلى همسات الألم التي جلجلت بين جوانحنا.. أرصفتكَ.. وممرّاتكَ.. وذرّات ثراكَ، هي تبرٌ، طبعنا على أديمه خطواتنا لنعانق الأمل.. كلّ بقعةٍ منكَ تحمل لنا أثرًا وبصمةً.. وكلّ بصمة تنبض بذكرى لوّنتها السنون بلون اللجين إذا انساب ريّانَ يغتسل بمعينه القمر، وبلون البياض الذي يصلّي خاشعًا على أجنحة النوارس.. وبكلّ لون يتراقص خجلًا على وقع المطر؛ لينسج طيفًا تضجّ قسماته بمعاني الحياة.. حنانيكَ يا وطن.. ليتَ الزمن عند لحظة وداعكَ توقّف؛ لنعيش تحت ظلال اللازمن.. فقد بَهت لون الزمن ساعة الوداع.. وتجارى لون الحزن من عمق المحاجر.. وما عاد لتلك الأيام في خارطة الحياة نبض سوى وقع الذكرى، تلك الذكرى التي لملمت شظاياها بعينيّ؛ لتتضوّع في سمائي عطرًا ياسمينيّاً. وعلى أشواك الحزن، سأنسج من رائحة الذكرى وردة، لا يعرف الانطفاء إلى روائها طريقًا.. سأنهل من عطرها كأسًا مزاجها من تسنيم، وسأمسك بأيدي أخواتي؛ لنرسم الحلم الخديج نورًا، ونجني من آمالنا وردًا نديّا..