رِسَالَةُ المِيلادِ

زبيدة طارق الكناني/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 147

كَتبتْ على سطور الخلود والحبّ يملأ تجاعيد جدرانها وتشعل نار الشوق شموع ضريحها المقدّس دعني أراكَ أيّها الرابض على جرحي منذ الأزل من قبل أن أرى النور دعني أراكَ؟ أبا المهديّ قبل صلاة العشق مع الأفلاك دعني أرى مع ولادتكَ النورانيّة ولادة البريق في عينيكَ والابتسامة الدافئة المرسومة على وجنتيكَ التي قد يبدو لنا من ثناياها أنّ كلّ هموم الدنيا قد زالت وتلاشى ظلّها. أريد أن أبلّل مبسم قبّتي بفيض هواكَ دعني أراكَ ملء جفوني التي أرّقها البعاد، فتسافر إليكَ هاجرتُ طوعاً أسلك طريق المدينة المنورة فلم يعد بي صبر أتخطّى كلّ أولئك الذين تراءوا لي، ومرّوا بي تِباعاً، فهم لم يكونوا سوى أطياف نفس حالمة أعوام سيّدي وأنا مدينة عطشى، أحترق على ناصية الانتظار مشدودة إلى عناق مفعم بالحياة ذراعاه بعيدان تحطّمت على ناصية الريح وتبعثرت منّي كلّ الذكريات أبا المهديّ! إنّها مدينتكَ سامراء تتنقل بين محطّات الغياب علّها تفتح عينيها على ناظريكَ فتشفى عيناها بنظرة من حناياكَ فبدونكَ ما هي سوى أشباه بيوت لا تُغني ولا تُؤوي من ضرر، يذهب ذكرها اليانع، وتبهت ألوانها، وتذبل أزهارها شوقاً إليكَ. تنتظر سامراء ولادتكَ مع نسيم الربيع؛ لتعلن ولادتها السرمديّة. وتنتظر أن تحملكَ الريح القادمة من المدينة المنورة إليها مع والدكَ عليّ الهادي(عليه السلام) حيث ستكون هنا في أرضها حياتكَ الكريمة، وتحت ظلال دوحاتها وضوء شمسها ستعمر في أجوائها روائح أريجيّة، وتنبت فيها كلّ زهور الاطمئنان، وإذا هممتَ إلى باب من أبواب بيوتاتها ما وجدتَ إلّا الحفاوة والألفة والمحبّة. دياركَ تسألكَ أن تضمّها إليكَ، فهي صارعت من أجلكَ عمراً، وعاشت في البُعد عنكَ غربةً، واليوم ترتجي رحيق الجنان لديكَ. كانت تعلم أنّها مدينة لا تشبه باقي المدن، وأيقنت أنّ بها استثناء، فمنذ أن اختارت أن تكون قدّيسة من عبير وضياء، لا تسمع فيها إلّا تراتيل تتمتم باسمكَ الحسن البهيّ بهجةً وسعادةً. كلامها يمجّدكَ وحروفها ترتّلكَ، تنتظر تلك المعجزة لتراكَ. وها هي اليوم غدت ركناً آخر من أركان النقاء، مباركة من فوق سبع سماوات.