مَشاكِلُ الجِيلِ المُعَاصِرِ

الشيخ حبيب الكاظمي
عدد المشاهدات : 211

السؤال: هل يمكنكم إعطاؤنا تعريفاً للجيل المعاصر سلباً أو إيجاباً قياساً بالأجيال السابقة؟ الرد: نحن لا نبالغ عندما نقول إنّ هذا الجيل هو من أعقد الأجيال في التاريخ، إذ نلاحظ أنّه واقع بين أمرين: فمن ناحية نرى التأثّر السلبيّ نتيجةَ النهضة الصناعيّة والتكنولوجيا الحديثة، حيث أصبح تحت وابل من صنوف الفساد المختلفة، ومن ناحية أخرى نرى أنّه على مستوى من الذكاء والاستيعاب، ممّا يؤهّله للاستعداد في سلوك دروب الكمال.. فهناك تطوّر في المخّ البشريّ لأجيال اليوم عمّا كان عليه أطفالنا قبل خمسين عاماً، فالدراسة فتّحت الأذهان وأبرزت القابليات، ولا يُغفل دور الإعلام أيضاً في ذلك، وقد أشارت الروايات إلى هذا الجيل المتميّز، فمن الناحية الأولى: نرى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يعبّر عن المسلمين في آخر الزمان بأنّهم إخوانه، في حين أنّ الذين هاجروا معه يُعدّون أصحابه! لماذا يا تُرى اكتسبوا هذه المنزلة العظيمة؟! فالنبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) يبيّن السبب فيقول: "يأتي على الناس زمان الصابر منهم على دينه كالقابض على الجمر"(1)، وأمّا الناحية الثانية فقد رُوي "عن الإمام السجّاد(عليه السلام) - لمّا سئل عن التوحيد-: إنّ الله(سبحانه وتعالى) علم أنّه يكون في آخر الزمان أقوام متعمّقون فأنزل الله(سبحانه وتعالى) (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ)، والآيات من سورة الحديد إلى قوله: (..وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)، فمَن رام ما وراء هنالك هلكَ"(2)، ومن هنا يُفهم أنّ هذا جيل سريع الاستيعاب، وهو في الوقت نفسه جيل مَرِن، يمكنه أن يتقبّل أيّة فكرة بسهولة.. فلو دخلنا إليهم من المناطق المحبّبة لأنتجنا الكثير من الشباب السويّ الصالح، ومشكلة شباب هذه الأيام هي الفراغ النفسيّ، فهم لا يجدون جهة يركنون إليها.. ومن ثمّ فإنّهم يلجؤون إلى ملء هذا الفراغ بأيّ طريق كان، فينشغلون بكلّ ما هبّ ودبّ.. والحال أنّ لكلّ جديد بهجته، والذي يملأ فراغ هذا القلب هو الالتفات إلى خالق هذا الكون، ربّ الوجود، وواهب السعادة. ............................. (1) الأمالي: ص485. (2) ميزان الحكمة: ج ٣، ص١٨٩٠.