رياض الزهراء العدد 77 بحوث إسلامية
الشَّيطانُ وبَنُو آدَم
سؤال: ما هي طريقة الشيطان في إغواء بني آدم؟ قال تعالى: (وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)/ (الأعراف:19). (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ)/ (الأعراف:20). (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ)/ (الأنعام:121) (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ)/ (المؤمنون:97). (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ)/ (البقرة:275) (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)/ (البقرة:268). (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا)/ (النساء:120). (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)/ (المائدة:90) (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)/ (الأنعام:68). (يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ)/ (الأعراف:27). (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ)/ (الأعراف:201). (وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ)/ (الأنفال:11). (وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي)/ (يوسف:100). (تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ)/ (النحل:63). (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ)/ (ص:41). (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ)/ (محمد:25). (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)/ (المجادلة:10). (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ)/ (الحشر:16) (مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ)/ (الناس:4). (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ)/ (الناس:5). (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ)/ (الناس:6). من خلال الآيات السابقة يتبيّن لنا أن طريقة الشيطان في إغواء بني آدم هي الوسوسة منذ خلق آدم وإخراجه من الجنة إلى يوم البعث، وتعني الهمس الخفي. وأمّا بقية الألفاظ التي وردت مثل: (يوحون، همزات، مس، رجس، فزع، نجوى، سول، دعوة، يمني، ينسي، يزين) نجدها تعني بمفهومها اللغوي الصوت والوسوسة. والمراد بالصدور هي النفوس؛ لأن متعلق الوسوسة هو مبدأ الإدراك من الإنسان وهو نفسه وإنما أُخذت الصدور مكاناً للوسواس كما أن الإدراك يُنسب بحب شيوع الاستعمال إلى القلب، والقلب في الصدر كما قال تعالى: (وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)/ (الحج:46). عن الإمام الصادق (عليه السلام): “ما من مؤمن إلّا ولقلبه أذنان في جوفه: أذن ينفث فيها الوسواس الخناس، وأذن ينفث فيها الملك، فيؤيد الله المؤمن بالملك، فذلك قوله: (وأيدهم بروح منه)”(1) سؤال: هل للشيطان سلطان على بني آدم؟ قال تعالى: (وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآَخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ)/ (سبأ:21). وتشير الآية إلى مطلبين فيما يخصّ الوساوس الشيطانية، والأشخاص الذين يقعون تحت سلطته، والأشخاص الذين ليس عليهم سلطان، إذن فنحن نجيز له الدخول ونعطيه تأشيرة العبور من حدود دولة الفردية إلى داخل قلوبنا، وأن الآية تؤكد أن الهدف من إطلاق يد إبليس في وسوساته، إنما هو لأجل معرفة المؤمنين من غيرهم ممّن هم في شك.(2) وقال تعالى حاكياً عن إبليس يوم القيامة: (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ)/ (إبراهيم:22). ظاهر السياق أن المراد أنهم لم يتبعوه عن سلطان عليهم يضطرهم اتّباعه حتى يكونوا معذورين بل إنما اتبعوه عن سوء اختيار منهم، يختارون اتباعه فيتسلط عليهم لا أنه يتسلّط عليهم فيتبعونه. قال تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ)/ (الحجر:42) سؤال: هل يرانا ونراه؟ قال تعالى: (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ)/ (الأعراف:27). قبيلُهُ: تعني جنوده أو ذريته - فالشيطان يرانا هو وذريته ونحن لا نراه.. (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلًا)/ (النساء:122). عجباً لمَن يقول رأيته ويضع له صوراً على صفحات الانترنيت! ومن هذا نستنتج أنّ الشيطان هو عدو للإنسان لقوله تعالى:(إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا)/ (فاطر:6)، ماعدا الجن فهو نوع من الخلق مستورون عن حواسنا، وأنهم مكلفون بالعبادة مثلنا، وأنّ لا علاقة لهم بالإنس إلّا طائفة الشيطان كما ذكرنا في الآية الكريمة السابقة. مرّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمجنون، فقال: “ما له؟ فقيل: إنه مجنون، فقال: بل هو مصاب، إنما المجنون من آثر الدنيا على الآخرة”.(3) وعن النبيّ (صلى الله عليه وآله)، أنه قال: “إن الشيطان اثنان: شيطان الجن، ويبعد بلا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم، وشيطان الإنس، ويبعد بالصلاة على النبيّ وآله”.(4) أمّا ما يُذكر بين الناس عن الجن من أشكال غريبة ومرعبة، وأنها موجودة ومؤذية, وأنها تتلبس بالإنسان فهي ادعاءات لا صحة لها، كما جاء في الحديث. ................................ (1) ميزان الحكمة – الريشهري، ج8، ص319. (2) تفسير الأمثل، ج13، ص82-83. (3) ميزان الحكمة – الريشهري، ج2، ص84. (4) مستدرك الوسائل: ج5، ص264.