الزَّهرَاءُ (عليها السلام) وعَملُ البَيت

رنا خليل
عدد المشاهدات : 122

كانت الزهراء (عليها السلام) نِعم الزوجة لأمير المؤمنين (عليه السلام) ما عصت له أمراً وما خالفته في شيء ولا خرجت بغير إذنه، وكانت تعينه على طاعة الله تعالى، وتؤثره على نفسها، وتُدخل عليه البهجة والسرور، حتى إنّه إذا نظر إليها انكشفت عنه الهموم والأحزان، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: "والله ما أغضبتها ولا أكرهتها على أمرٍ حتى قبضها الله (عز وجل)، ولا أغضبتني، ولا عصيت لي أمراً، ولقد كنت أنظر إليها فتنكشف عنّي الهموم والأحزان".(1) وضربت الزهراء (عليها السلام) أروع الأمثلة في الصبر على ألم المعاناة من العمل في داخل المنزل حتى إنّها كانت تغزل جزة الصوف بثلاثة أصوع من شعير، فقد رُوي أنّ الإمام علياً (عليه السلام) انطلق إلى يهوديّ يعالج الصوف، فقال له: "هل لك أن تعطيني جزةً من صوف تغزلها لك بنت محمد (صلى الله عليه وآله) بثلاثة أصوع من شعير؟" قال: نعم. فأعطاه الصوف والشعير. فقبلت فاطمة (عليها السلام) وأطاعت، وقامت إلى صاع فطحنته وخبزت منه خمسة أقراص.(2) قال الإمام علي (عليه السلام): "إنّها جرّت بالرحى حتى أثّرت في يدها، واستقت بالقربة حتى أثرت في نحرها، وكنست البيت حتى اغبرّت ثيابها، وأوقدت القدر حتى دكنت ثيابها، وأصابها من ذلك ضرّ".(3) وعلى الرغم من انشغالها بالأعمال المنزلية الصعبة فقد كانت أعبد نساء زمانها، وضربت المثل الأعلى بعبادتها وإيمانها وطاعتها وانقطاعها إلى الله سبحانه، ومن مظاهر عبادتها (عليها السلام) طول قيامها في الصلاة وكثرة خشوعها، فقد رُوي عن الحسن البصري أنه قال: ما كان في هذه الأمّة أعبد من فاطمة، كانت تقوم حتى تتورّم قدماها. وإلى جانب كلّ ذلك فقد كانت تؤدي دورها في رعايتها لأولادها وبيتها وزوجها، ولم يمنعها ذلك من أداء دورها الاجتماعي عن طريق تعليم نساء المسلمين أحكام الدين. ............................... (1) بحار الأنوار: ج43، ص134. (2) سيدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام): ج1، ص24. (3) سيدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام): ج1، ص25.