رياض الزهراء العدد 164 لحياة أفضل
دَكَّةُ كُمَيلٍ
تأخذنا الحياة بتفاصيلها وزخارفها وضغوطاتها إلى أزقّةٍ بعيدة عن الطمأنينة والسلام الداخليّ، إلى تعبٍ وتشتّت لا ينتهيان، وبينما نسير قد ننسى وِجهتنا الحقيقيّة، في أوقات كثيرة نتمنّى أن ننعم بشيء من الراحة، نفتقد الطاقة الأمّ التي وُلدنا معها؛ فضعفنا الداخليّ نألفه وكأنّه طبيعيّ فلا نسعى إلى دحره بعيداً عن فضاءات أرواحنا الخلّاقة؛ ومن رحمة الله بنا أنّه وَهَبنا محطّات استراحة، مرافئ أمان، مراكز للطاقة تمدّنا بالقوة، منها ما هو سنويّ، وآخر شهريّ، وأسبوعيّ، ويوميّ ومنها ما يكون مع الأنفاس لا يحدّد بمتى وأين وكيف وهو مُطلق الذكر والدعاء إلى الخالق، رحمة إلهيّة، وعناية ربّانية تجذبنا بكلّ شوق إلى محضر مقدّس لننعمَ بالقرب الإلهي بلذّة المناجاة، وعند دكّة كُميل تجلس الأبدان والأرواح المتعبة من ثُقل ذنوبها؛ لتُخرج ما بجعبتها، تستذكر إخفاقاتها من ليلة الجمعة الفائتة إلى هذه اللحظة؛ فتتلعثم لتقف الحروف عند مخارجها تارةً، وتغصّ بعبرتها تارةً أخرى لتنهدّ قواها، ويخرّ قوامها، تلكَ التي تظنّ بنفسها خيراً، فتعلم وترى بعين القلب مآلها إن واصلت المسير في دروب الهوى وطول الأمل، ترمق أنوار مَن أهداها الدعاء بكلّ امتنان وحبّ وهو يهدي حروف النور إلى ما شاء الله تعالى أن يرتبط الدعاء باسمه، تتهجّأ العشق الإلهيّ وتناغي بلسانٍ حديث الولادة مع أول لحظة تلت التوبة لترفع يدها برجاء وخوف، تُطلق نظرها إلى عنان سماء الاستجابة بكلّ أمل، مستعينة بحروف أمير القلوب ومهذّبها وهو يسأل الله كشف الضرّ والنظرَ في الأمر والدخول في رحمته.