رياض الزهراء العدد 164 لحياة أفضل
مِن أَجلِ حَياةٍ أُسَرِيَّةٍ هَانِئَةٍ
إنّ القرآن الكريم هو المنهج الإلهيّ الذي ارتضاه ربّ العالمين لإصلاح البشريّة في الحال والمآل، ففيه الشفاء والغنى لكلّ ما يعرض للمسلمين من مشاكل على مرّ العصور، فكان لابدّ للمسلمين من اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة الغزوّ الفكريّ الذي يتعرّضون له في كلّ زمان ومكان، والسنّة الشريفة جاءت مع القرآن الكريم لتوضّح الطرق الصحيحة لإيجاد الحلول ومعالجة المشاكل التي تواجه المجتمع، وخاصّة في مجال الأسرة وتربية الجيل المسلم، ومن أبرز المشاكل هي عدم وجود الحبّ والودّ أو قلّته في بعض الأُسَر، وعدم إظهاره وكتمانه ممّا يؤدّي إلى حدوث تفكّك أسريّ، وللمحبّة والمودّة دور في تربية الأولاد ولهما أثر كبير في تنظيم المجتمع والأسرة، وإنّ المحبّة هي علاقة يُلقيها الله تعالى بلطفه في قلبي الزوجين، وهي المَهر السماويّ للارتباط، ورأس المال الذي إذا تمّت المحافظة عليه، فإنّه سيحفظ الحياة ويمنحها رونقاً ويجعل المنغّصات إن وُجِدت عذبةً. إن شُكرت هذه النعمة العظيمة حقّ الشكر فستعبّد الطُرق لنيل المحبّة الإلهيّة، وبرأس مال قِيم كهذه يتمكّن الزوجانِ من الوصول إلى سائر أمانيّهم، ويجرّبون جنّة الآخرة في هذه الدنيا بشرط أن يعرفوا قدرها ويحافظوا عليها، وكذلك معرفة موقعهم، وينظر كلّ منهما إلى الآخر نظرةَ مودّة مصحوبة بالحبّ الطاهر، وأن يحافظا على هذا الحبّ؛ لأنّه قابل للزوال مثل بقية الأشياء، فلابدّ من المحافظة عليه، وأنّ هذه العلاقة الإنسانيّة قائمة على أساس المحبّة والارتباط العاطفيّ، أي لابدّ للزوج والزوجة من أن يتحابّا، وهذه المحبّة هي التي تدعم كيان الأسرة، وهي أساس الرفاه في الحياة وببركتها تذلّل الصعوبات للإنسان. إنّ المحبّة والمودّة شيء مقدّس، ذكره الله(سبحانه وتعالى) في القرآن الكريم، وأكّدت عليه السنّة الشريفة، ومن الضروريّ جدّاً أن تنتشر ثقافة الحبّ الخالص الحقيقيّ في الأسرة والمجتمع؛ لأنّ فيها الخلاص من المشاكل، وهي طريق لتقوية الأواصر والعلاقات بين الأسر، وقد وردت كلمة الحبّ ومشتقّاتها في القرآن الكريم في عدّة مواضع، ومن هذه الآيات قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ)/(البقرة: 165)، لأنّ المؤمنين لا يُشركون أحداً في طاعته، ويمتازون بالثقة به سبحانه والتوكّل عليه، أمّا غير المؤمنين فيثقون بالعديد من الأنداد، ومحبّته تعالى لا تُنال بالادّعاءات الفارغة والمظاهر الخادعة، إنّما تُنال بالالتزام والسير العمليّ الجادّ والصادق في طاعة الله واتّباع سبيله، وطاعة نبيّنا محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الطاهرين(عليهم السلام)، وعن طريق الآيات المباركة وتفسيرها تتّضح لنا أهميّة المحبّة والمودّة في حياتنا وتأثيرهما في المجتمع وأفراده، والذي يتّصف بهذه الصفات سينال رضا الله(سبحانه وتعالى) وحبّه وودّه.