رياض الزهراء العدد 164 الملف التعليمي
الدُّرُوسُ الخُصوصِيَّةُ بينَ الحَاجَةِ والرَّفَاهِيَّةِ
التطوّر والرقي في المجتمعات والدول لا يُمكن أن يتحقّق من دون النهوض بالواقع التعليميّ، فالقيمة التي يحصّلها الطالب من المدرسة تحدّد بنسبة كبيرة إطار تفكيره وسلوكه وحياته، لذا نرى الدول المتقدّمة تُولي أهميّة كبرى للعمليّة التعليميّة لما لها من أثر ملموس في تقدّم البلدان على المستوى الإنسانيّ والاجتماعيّ والعمليّ. وعلى الرغم من السعي الحثيث إلى تطوير عمليّة التعلّم والتعليم، لا يزال الملّف التعليميّ يعاني من الكثير من المشكلات التي تُلقي بظلالها على الطالب والمعلّم على حدّ سواء، منها مشكلة الدروس الخصوصيّة التي أصبحت ظاهرةً متفشّية في المجتمع، فما عاد الطالب يبذل جهداً لينجح، بل لابدّ من دخوله إلى درس خصوصيّ ليحرز النجاح إذا كان مستواه ضعيفاً، وليحرز التفوّق إذا كان مجتهداً، وأثّرت هذه الظاهرة بشكل مباشر في تكافؤ الفرص في التحصيل العلميّ، حيث لا يستطيع بعض أولياء الأمور توفير الدروس الخصوصية لأبنائهم بسبب ضيق ذات اليد والوضع المعيشيّ المتردّي، فأصبح النجاح والتفوّق حكراً على ميسوري الحال وأصحاب الدخل العالي لارتفاع أسعارها إلى أرقام خياليّة ينوء بتحملّها الإنسان ذو الدخل البسيط، أمّا الأثر الاجتماعيّ لهذه الظاهرة فهو أنّ الطالب فَقَد الثقة بكفاءة معلّم المدرسة، وأصبح لا يُقدّر جهوده، ولا يتفاعل معه لاعتماده على الدرس الخصوصيّ، والنظر إلى المدرّس الخصوصيّ على أنّه أجير عنده يتقاضى أجراً ليقوم بوظيفته، وهذا الأمر أدّى إلى سقوط المعلّم والعمليّة التعليميّة من نظر الطالب لكونها تحوّلت إلى تجارة، وليست قيمة ورسالة إنسانيّة مثلما هي حقيقتها، وأحد أسباب انتشار هذه الظاهرة مثلما يقول أصحاب الاختصاص هو نمطيّة الأسئلة الامتحانيّة، حيث أصبح ممتهنو الدروس الخصوصيّة قادرين على توقّع نمط الأسئلة وتمريرها إلى الطلاب لاعتمادها في مذاكرة الدرس والنجاح، فخَلَق هذا السلوك طالباً اتكالياً عديم الهمّة، ذا كفاءة متدنّية، ويتّضح من هذا أنّ هذه الظاهرة لها ركائز ثلاث، وهي: الطالب والمعلّم ووليّ الأمر، وللتخلّص منها لابدّ من توفير البدائل كدورات التقوية المجّانية، وتطوير المعلّم عن طريق دخوله دورات لاطّلاعه على تطوّر المناهج التعليميّة، وكيفيّة التعامل معها، وطرائق التدريس الحديثة، وما شاكل ذلك من التقنيات التي من شأنها أن ترتقي بالعمليّة التعليميّة.